في الحلقة الثانية من حواره مع "عكاظ"، واصل الشاب السعودي "مهندوف" الحديث عن رحلة هروبه للجهاد في سوريا، مشيرًا إلى تجاوزه الحدود التركية السورية متوجهًا إلى محافظة إدلب، حيث تبدو أثار الدمار جراء قصف جيش بشار الأسد للمناطق الشمالية. يتوقف "مهند" عن الحديث للحظات، ثم يعود قائلا: "في أنطاكيا التركية حملت بعض أغراضي وجميع أوراقي، على اعتبار أنني ذاهب بلا عودة.. نعم بلا عودة، بمعنى أنني ذاهب ذاهب، وأنا اتخذت القرار على أنني (رايح ما عادني راجع نهائيا).. كان هذا هو الهدف بعينه، لكسب آخرتي، وكنت أؤمن بأن الدنيا لا فائدة منها، كنت في حالة يأس مطلق، فالدنيا لم أستفد منها شيئا نهائيا". وأشار إلى أن مهربا تركيا اصطحبه مع مجموعة من السوريين إلى داخل الأراضي السورية، ومروا عبر قناة تخرج من نهر العاصي، قبل أن يأتي إليهم شخص يرتدي زياً عسكرياً ويحمل سلاحًا رشاشًا لاصطحابه، لافتًا إلى أنه ركب معه السيارة ووصل إلى بلدة "الغسانية" بمدينة جسر الشغور. "مهندوف" أضاف: "طوال الطريق يعرفونني على المواقع والمناطق التي نمر بها.. وبعد السير لمدة 10 دقائق، بدأت أشاهد حواجز عليها مسلحون وسيارات مجهزة بأسلحة وذخائر، قالوا لي إن هذه حواجز الجيش الحر، والمناطق كلها محررة، وصرت أقرأ على الحواجز والبنايات أسماء الكتائب، فأيقنت أنني الآن داخل ساحات قتال". الشاب العشريني "مهند" ابن إحدى القبائل الشمالية بالمملكة، فجر مفاجأة بالحديث عن تصنيف "المجاهدين بالدرجات"، فمن يمتلك مالا يعامل معاملة خاصة والأكثر فقرًا تتم استضافته بالأدوار العليا أو الأخيرة للبنايات، لكونها "أكثر عرضة لقصف طائرات الجيش بالبراميل"، وكل ذلك بعدما استقبلوه بحفاوة لكونه "سعوديا" وربما يمتلك الكثير من المال. قضى مهندوف ليلته الأولى نائمًا منذ السابعة مساء وحتى آذان الفجر، حيث "صلى بمفرده"، ثم بدأت رحلة إعداده عسكرياً لضمه إلى إحدى الكتائب، لكن في النهاية لم يكن لديه علم بأي من هذه الكتائب ولا حتى إلى أي منها سينضم! ثم أضاف: "في البداية لم أشاهد سوى كتائب للجيش الحر، فالوضع أقرب للاحتلال، فكل كتيبة تجد بناية مهجورة بلا سكان تستحلها وتتخذها مقرا لها، وجميع البنايات في تلك البلدة ليس فيها أحد من سكانها المالكين، خصوصا أن هذه المنطقة أغلبها مسيحيون، هربوا بسبب الحرب وتركوا الكنائس والبنايات خاوية وراءهم". يضحك مهندوف كثيرًا، ثم يقول: " اشتروا لي حذاء رخيصا (يفترض أنه عسكري).. أي والله رخيصا.. أرخص حذاء.. بعدها ذهبنا إلى محل آخر لتفصيل البدل العسكرية، ودخلنا وهناك اختار لي مرافقي الزي العسكري المناسب لي، فتبين أنه أوسع من جسمي، فقال (مو مشكلة، بنروح الخياط يقيفه ويضبطه)، وبالفعل ذهبنا وأنجزنا ما يتعلق بالزي. واختتم حديثه بالإشارة إلى أن البدلة العسكرية التي ارتداها بسوريا كانت أول بدلة عسكرية يرتديها في حياته، فالشعور كان أقرب إلى الحلم، تاركًا الأمور تسير كما تسير، ليصبح "مجاهدًا رسميًا".. وغدًا يستكمل حديثه عن أول موقف مع قائد الكتيبة. اقرأ أيضا: عائد من سوريا يكشف دور "فيسبوك" و"تويتر" في "الجهاد الزائف"