تبدأ المشاريع أولا بإنشاء سور مؤقت يحيط بمواقعها و يحفظ لها خصوصيتها ، وفي أحد أركان المشروع تنصب لوحة ضخمة سطر عليها اسم المشروع والجهة التابع لها وقيمة عقده ومدة تنفيذه واسم المقاول والمشرف الاستشاري ، وما هي إلا فترة قصيرة ويبدأ العمل بهمة وحيوية و نشاط ، ثم تقل هذه الهمة وتذبل هذه الحيوية و يتلاشى هذا النشاط ويحل محله التباطؤ الشديد في التنفيذ إلى أن يتوقف العمل تماما ، ثم يخيم على الموقع صمت القبور الذي أذهب ضجيج الحياة . ولكن ، لماذا يا ترى تتعثر المشاريع ؟ وقبل الإجابة على ذلك قد نتساءل : هل هذا المشروع المتعثر أو ذاك لم تخصص له ميزانية كافية ؟ أو لم يرصد له مبلغ كاف لإتمامه ؟ أم أن أصحاب المشروع بدا لهم ما بدا لهم وفضلوا توقيفه إلى حين ، و لم يسموا أجل استئناف العمل و إكمال ما بدأوه ؟ الإجابة على ماسبق و بكل ثقة : لا . قصة التعثر : يعلن عن مناقصة لمشروع ما ، فيتصدى لها المتنفذ الأكبر ، ذو الجاه والسلطان ، والقوة والصولجان ، و بحكم تغلغله و نفوذه ، يزدرد ماتيسر ازدراده ، ببلعوم لا يعرف الغصص ، كما فعل القرد وميزانه بجبنة القطتين في إحدى القصص ، ثم يحيل تلك المناقصة على من دونه في النفوذ وكمية الازدراد ، و هذا بدوره يحيلها إلى من يليه حتى يستلمها أحد المساكين وهو المباشر الفعلي للعمل مقابل الفتات ، وبعدها يدرك هذا المسكين بعد ما وقع الفأس بالرأس أنه قد وقع في الخسران المبين والفقر المهين من المشروع الذي تعرض للسلب والنهب ، ثم التوقف التام ، وتلك نتيجة حتمية ، والخاسر الأكبر هو الوطن ومواطنيه . والله المستعان . سليمان علي النغيمشي