هنا تكمن المأساة ويثار الاستغراب... شخص بين الحياة والموت, يطلب العلاج الملح في بلد الخير والعطاء, ولم يجدوا له سريرا في العناية المركزة! ... في هذا الموقف السهل الممتنع وقفت أسرته مذهولة حائرة بمريضها, فهو سهل لعلمهم بأنهم ينتمون لهذا البلد الثري الذي تتربع فيه وزارة الصحة على ميزانية دولة بذاتها, وممتنع عندما واجهو الحقيقة المرة, والواقع الذي تكبلت فيه مقدرتهم عن مساعدة عزيزهم الذي يصارع المرض... لم يتمكن الأب من أخذ حقه الطبيعي بنيل العلاج المناسب, ثم وافته منية الموت, وبذلك طويت صفحتة, كما طويت صفحة عشرات المواطنين اللذين ذهبوا ضحايا لواقع الصحة الأليم ... ما حدث له قد يحدث لي أولك أو لأي قريب أو عزيز تضيق على حمله مستشفيات وزارة الصحة, فوصيتي لكم.. لا تعجبوا...! لا تعجبوا يا هؤلاء... فكثير من المواطنين قد ساروا على هذا الدرب, وقد تسيروا عليه أنتم فتنظموا لموكب ضحايا الصحة, وإن لم يكن السبب عدم توفرالأسرة, فقد يكون بسبب خطأ طبي, ناتج عن استهتار طبيب أو معالجة آخر غير مختص, عمل في مستشفياتنا بشهادة طبية مزوره, وكما قالت العرب قديما "من لم يمت بالسيف مات بغيره"..!! هذا الإهمال الصحي الذي يتعرض له المواطن ما سببه... هل هي قلة الإمكانات في القطاع الصحي!,أم هي قلة الإخلاص وفشل التخطيط, أم هو ذنب المواطن الذي لا يملك الواسطة التي تأخذ بيده ليلقى العناية المستحقة؟! وزارة الصحة تعوم فوق المليارات, وهي بنفسها تعترف بعدم وجود الأسرة الكافية للترقيد سواء في العناية المركزة أو غيرها, والدليل أنها أقرت نظاما تحول بموجبه الحالات الزائدة عن طاقة مستشفياتها إلى المستشفيات الأهلية,وهناك حالات كحالتنا هذه لم تجد مكانا حتى في المستشفيات الأهلية! وهنا نسأل الوزارة لماذا لا توجد أسرة كافية في العناية المركزة؟ فإذا كان حال النقص معلوم ومعترف به, هل يعقل بأن لا تتخذ حلولا تعالج هذا الجانب؟! والأدهى أن الطاقة الاستيعابية في المستشفيات المشيدة حديثا" المستشفى المركزي " بالنسبة لأسرة العناية بنفس العدد في القديم الذي صمم في مرحلة ماضيه.. نحن لن نتحدث عن الأخطاء الطبية القاتلة الناجمة عن الإهمال واللامبالاة, ولا عن "التأمين ضد الأخطاء الطبية" الذي منح للطبيب والممارسين الصحيين, والذي قد يكون مدعاة لزيادة الإهمال وإقبال عديمي الضمير على تزوير الشهادات الطبية, لعلمهم بأنه سيمنحهم عدم المسائلة, وما عليهم سوى دفع التأمين للمتضررين, بل ربما يدفعهم لقصد الإيذاء "بداعي التجربة" كي يستفيدوا من المبلغ الذي دفعوه لشركة التأمين.. بل نطالب فقط بتوفير سرير للمواطن المضطر الذي يفقد حياته, كي ينال حقه العلاجي في بلد يكاد يكون أغنى بلد العالم إن لم يكن.. وهل هناك أقل من أن يحصل المواطن على سرير في المستشفى وهو بين الحياة والموت؟! يا معالي الوزير هل تعتقدون بأن ما يكتب أو يشتكى منه مزحة أو نكته حتى لا يستجاب له ولايعالج, ثم إن المواطن الذي يرى تلك الحال يسأل سؤاله المتكرر .. أين المليارات؟!... تركي الربيش [email protected] https://twitter.com/تويتر