كثيرون في المجتمع يتساءلون عن "الليبرالية", وعن ماهيتها, وهل هي شيئ محمود دينيا أم مذموم, وإن كانت مذمومة فما مخالفاتها. هم يتسائلون عن ذلك المفهوم, أولنقل "تلك الموضة" التي هجمت على كثير من الإعلاميين والسياسيين بصفة خاصة, منذ فترة ليست بالبعيدة.. الليبرالية في بلادنا لها مناصرون ومنظرون ودعاة, ودعاتها يتميزون بلحن في القول وبألسنة حداد, وهم يحاولون جاهدين تسفيه الرموز الدينيه وتصغيرها أمام العامة, لتجريدها من إسلاميتها, بغية سحب الإسلام إلى حضنهم... كما يوحون دوما بأن الليبرالي إنسان عقلاني متعايش مع من يخالفه, وأن الليبرالية لا تتعارض مع الدين, فتجدهم حينما يتحدثون عنها يعكفون المعاني بكلمات منمقة تفوح منها الرائحة الإسلامية, وخاصة عند من يقولون بأنهم "ليبراليون إسلاميون", ليفهموا المجتمع بأنهم إنما يتبعون نهجا قريبا من الإسلام ولا يتعارض معه.. وفي الحقيقة هم يتبارون فيما بينهم بسب الدين, ويكذبون على أنفسهم وعلى المجتمع حينما يقولون إنهم في صفه, وأنهم يريدوا مراجعة بعض من أفكاره أو عقيدته كما وقع بها مؤخرا "تركي الحمد" . الليبرالية هي مصطلح مشتق من كلمة Liber التي تعني الحريه, وهي تعني ببساطة التحرر المطلق من كل القيود وعلى رأسها الديانات... بمعنى أن الإنسان الليبرالي يجب أن يكون متحررا من كل شيء, يقول ما يشاء, يفعل ما يشاء, يعتقد ما يشاء, يحكم بما يشاء, والليبرالية لا تأبه لسلوك الفرد مادام يتحرك وفق القانون... وبمعنى أوضح... إن المسلم المتدين, والمسلم محب الخمر, والمسلم الداعي للمثلية الجنسيه, و الملحد والكافر والمتصهين لهم أن يجتمعوا مع بعضهم البعض تحت قبة الليبرالية, وكل له حرية اعتقاده الذي يعتقده مهما كان!, دون أن يعارضة أو ينكر عليه أحد, ومن ثم يشرعوا للأمه.. من خلال هذا النهج سمح للإسلاميين بدخول البرلمانات بعد جفاء, وأعطيت لهم الحرية في الرأي مع مراقبة سلوكهم وبروزهم, وتلك هي الوسيلة التي حاول من خلالها دعاة الليبرالية الإيحاء بمحموديتها... إن أقرب ماينطبق على الليبرالية هو قول الله جل جلاله "أرأيت من اتخذ إلهه هواه".. الليبرالية أيدلوجية مدمرة للدين والخلق, وهي المشروع المطروح حاليا على الشعوب العربية والاسلامية لتكون وريثة للعلمانية المشروع السابق, وتحديدا في فترة الثمانينات والتسعينات الميلادية, إلا أنها فشلت فشلا ذريعا بسبب نجاح العلماء والدعاة أومن يسمونهم بالتيار الديني في ذلك الوقت بهتك أستارها وكشف خباياها المحاربة للدين, أمام الشعوب التي لفظتها, حتى أصبح مجرد ذكر إسمها يثير الإشمئزاز لدى كثير من الناس... هناك من التبس عليه الأمر بين العلمانية والليبرالية ويسأل عن الفرق بينهما... الليبرالية لا تخرج من عباءة العلمانية فهي ظل منها وهدفهما واحد, إلا أن العلمانية أرحم قليلا من الليبرالية, لأن مطلبها صريح يتمثل بعزل الدين وحصره بعيدا في أماكن العبادة, وبخاصة عن السياسة والمجتمع... بينما الليبرالية تريد خلط المسلم أوالمتدين مع الفساد حتى يتمالئ معه ويقبل به, وبالتالي يضيع مشروعه في وسط تلك المعمة, حتى يجد نفسه في النهاية يسير وفق نهج وهوى مضادي الدين, وقد اعترف بكثير من المخالفات الدينية بل واصطف بجانبها, خاصة وأن الحكومات تتحايل لأنها تحاول جاهدة منع الإسلاميين من أن يكونوا أكثرية في البرلمانات كما حدث في الكويت.. الشيئ الذي أعجب منه هو أني لم أرى علماء اليوم يصدحون ويحذرون من الليبرالية كما فعلوا في السابق مع العلمانية, فهل ذلك راجع لقلة شجاعتهم أم الحذر على مصالحهم أم هوجهلهم بحقيقتها!.. إنها دعوة للعلماء كي يعيدون الكرة على الليبرالية كما فعلوها مع العلمانيه ليحموا المسلمين من لوثتها.. تركي الربيش [email protected]