تكثر بعد الأزمات والكوارث التحليلات حول أسبابها ومسبباتها والآثار المترتبة عليها ، والكل يدلي بدلوه ، فهذا مغرّب وهذا مشرّق ، والبعض قد نصب نفسه خبيراً بالأمور كلها ، عالماً بخفاياها ، حتى أصبح الحديث عنها رأياً عاماً لا يكاد يخلو منه مجلس ، ثم يخبو وهجه ويضمحل أثره مع مرور الأيام وتتابع الليالي شيئاً فشيئاً ، حتى يغمره النسيان بعد شفاء الجرح ومسح الدمع ، فالزمن كفيل بذلك ، ثم يندرج ماحدث رقماً في ذاكرة الأيام . وهكذا دواليك . وما حدث في عاصمتنا الحبيبة ، أو ما عرف بكارثة الخميس ، أخذ معظم اهتمام العامة والخاصة ، والكل يرنو ببصره نحو ما ينشر حول هذا الحدث متلهفاً لمعرفة المزيد من المعلومات والجديد من التحليلات ، ولذا سأدلي بدلوي - شأني في ذلك شأن الكثيرين غيري - فأقول مستعيناً بالله : 1- ما حدث قضاء من الله وقدر قدّره تقديرا ، فوقوع المصائب عليناا ، أو حلولها قريباً من دارنا إنما هو تذكرة من الله ، سبحانه وتعالى ، لتصحيح المسار وتغيير ما يلزم تغييره ، وتقويم ما يجب تقويمه تجاه ما يصلح علاقتنا بربنا وبديننا . وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعف عن كثير . 2- كثيراً ما نفكر بوضع الحلول بعد حصول الكوارث ووقوع الرأس في الرأس ، لذا يحب وضع خطط استباقية لدرء الأخطار، والتوفيق بيد الله ، فقد دفعنا من الخسائر أكثر مما يجب جراء ذلك . 3- مماجرى يدل على عدم جدية الجهات المباشرة لما يخدم الناس ، فكم من اتصال حول ملاحظة ما كان مصيره التجاهل ، وكم من بلاغ انتهي به المطاف إلى سلة المهملات . 4- البيروقراطية في وضع الحلول إن وجدت ، وهذا مرده إلى عمل اللجان السلحفاتي ، وترك الأمر يعوم بين أعضاء اللجنة إلى أن يفقد أهميته بتقادم العهد . 5- افتقار البلد إلى مراكز التنبؤات ورصد التوقعات ، ولذلك غالباً ما نجد أنفسنا مشدوهي الأبصار ، فاغري الأفواه عند أي مفاجأة ، ولذلك نحتاج معها وقتاً لاستيعابها 6- التزاماً بالأمان والسلامة ، علينا الابتعاد عن ناقلات الغاز وشاحنات الوقود مسافة معينة . ولكن مالحل إذا وقفت هي إلى جوارك وما يفصل بينكما إلا نصف متر ؟؟ لذا يجب العمل على حصر تنقلاتها بين الساعة الثانية والخامسة فجراً ، مع تأهيل سائقيها على الشعور بخطورتها والعمل بحرص وعناية وفق ذلك . 7- العمل على تغيير قيادات الإدارات الخدمية وإحالة المتحجر منها إلى التقاعد البكر أو المتأخر ، فالمطلوب ممن يقود الدائرة إتقان العمل والإبداع في الممارسة ، لا أن يشغل حيزاً من الفراغ الإداري . 8- وأخيراً : التصدي للمشاكل والمفاجأت والحوادث بحلول جذرية والاستعانة - بعد الله - بمن سبقونا علما وتجربة ، والبداية من حيث انتهوا ، لا أن نرضي أنفسنا والمتضررين بالمهدئات وأنصاف الحلول ، فهذا من شأنه إبقاء الأمر على ماهو عليه ، منتظرين مصيبة أخرى في أي لحظة . والله الموفق . سليمان علي النغيمشي