اللامركزية في العمل الإداري أسلوب جيد، ولكن إذا اسيئ استخدام الصلاحيات الممنوحة ومورست بشكل خاطئ فإن من الأفضل اللجوء إلى المركزية. فعندما قامت وزارة الخدمة المدنية بإعطاء صلاحية التعيين للمراتب التي تقع دون السادسة ووظائف البنود وإعطاء بعض الجهات حق التعيين في المراتب من السادسة وحتى الثالثة عشرة مثل الجامعات وبعض الهيئات الحكومية العامة كان ذلك في كثير من الحالات على حساب العدالة وتكافؤ الفرص. إن التعيين المركزي الذي تقوم به وزارة الخدمة المدنية القائم على الأسلوب الآلي، من خلال جدولة المستحقين للتعيين وفق معايير معينة، على رأسها تاريخ التخرج والمعدل أثبت نجاحه حيث قضى على الواسطة والمحسوبية في التعيين، في حين لم تسلم عملية التعيين على البنود المختلفة في الجهات الحكومية الأخرى التي اعطيت صلاحية التعيين على الوظائف الرسمية من التلاعب، وعجزت أن تكون على مستوى المسئولية وتقديم مصلحة الوطن والمواطن على المصالح الشخصية الضيقة. إن أسلوب اللامركزية في الادارة لا يمكن ولا يحبذ تطبيقه إلا تحت ظروف او شروط معينة منها وعي جميع الأطراف بالأهداف المشتركة للجهاز، وثقة المانح للصلاحيات بالممنوح، وكون الممنوح على قدر كبير من المسئولية، ولديه درجة كبيرة من الامكانيات والأمانة، مع وجود نوع من الرقابة والمتابعة لأسلوب التنفيذ ومخرجاته، وإلا فلن تحقق النتائج المستهدفة. اقول ذلك من خلال مشاهدات وأحكام كثير من الناس، الذين يرون أن التعيينات التي تتم عن طريق وزارة الخدمة المدنية تسير وفق معايير وضوابط وترتيبات معينة، لا يسبق فيها أحدٌ أحداَ بحيث تكفل عدالة التعيين، في حين تتدخل الواسطة والمحسوبيات القائمة على العشائرية، والمناطقية، والقرابة، والصداقة في التعيينات التي تجريها الجهات الحكومية التي منحت حق التعيين على البنود وغيرها، مما أوقعها في كثير من الأخطاء والتجاوزات . لقد نجحت وزارة الخدمة المدنية وهي الجهة المعنية بالتعيين نجاحا كبيرا لا ينكره عاقل، في حين أخفقت كثير من الجهات التي اعطيت صلاحيات التعيين الذاتي في إتاحة فرص متساوية للتعيين، خاصة وظائف البنود، التي كانت مرتعا خصبا للتلاعب. مما يدفعنا للتساؤل عن مدى قدرة تلك الأجهزة على ضمان نزاهة عملية التعيين وشفافيتها! وهو مبدأ رئيس يقوم عليه التوظيف، وهدف تسعى الخدمة المدنية لتحقيقه. كل ذلك يدعو إلى النظر في قصر التعيينات على جهاز وزارة الخدمة المدنية وفروعها، شريطة أن لا يكون ذلك مدعاة للبطء في تسيير إجراءات التعيين. مع أن العدالة في التعيين أهم من السرعة فيه؛ فعدالة مع تباطؤ أفضل من غياب العدالة مع سرعة الإجراءات. أو إيجاد آليات أشد صرامة وتقنينا لا تسمح بمزيدٍ من الأخطاء في عملية التعيين اللامركزي. قطرة مطر: أتساءل دائما لماذا لا يراقب بعض الموظفُين اللهَ أثناء أدائهم لأعمالهم ؟! عبدالله العرفج