مجالسنا سجل حافل ومليء بالأحداث لأنواع من الحكايات والذكريات والتجارب الثرية ذات الأبعاد الرائعة.ااا الصحراء الممتدة تزيده إصرارا على متابعة العمل ، والسير مسافات طويلة خلف الأغنام ، وهي ترعى من شجيرات الصحراء ، يفكر بالمستقبل الممتد الذي يحلم به ، كامتداد الصحراء الشاسع أمام عينه ، كيف سيحقق أحلامه من خلال ما يتقاضاه من كفيلة الذي يشح بإعطائه إياه كل شهر ، انقطعت أخبار أهله عنه ، بسب عدم وصول الرسائل ، حيث هي الوسيلة الوحيدة للتواصل بينهما ، والسبب أن الكفيل لا يحضر ما يأتي من أهله من رسائل ا تحمل في طياتها أخبار أهله . القلق ينتابه عن أمه ، يشده الشوق إليها . ******* يماطل كثيرا في سداد ما عليه من الدين له ( 70 ألف ريال ) رفع أمره للجهات المختصة ، كثيرة هي التعهدات التي اخذت عليه بالسداد ولم يفي به ، كأنه يئس منه ، تركه ، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا . يهوى الصيد والبر، يجد متعة عندما يخرج للبر ، ذات يوم خرج مع أصحاب له في نزهة برية ، وكعادتهم لا يستقرون في مكان ، فالبر في فصل الشتاء جميل جدا ، عندما تتنقل من مكان إلى مكان ، وترى خضرة الربيع التي تنطق بوحدانية الله وعظمته ، فسبحان من أنبته وزينه ، وانزل له الماء من السماء . قطيع من الأغنام تعترض طريقهم ، يتوقفون لشراء واحدة لطعامهم ، يقبل الراعي عليهم ، حالته تدعو للشفقة ، يتضح من هيئته أن يحمل بين جنبيه معاناة وهم وغربة ، بكل عفوية سأله ، ما بك .؟ فانهمر الراعي يبكي ، وبلغته المكسرة ( انا مسكين ، ماما مافيه معلوم خبر أنا ، كفيل رسايل أنا ما يجيب ) وبسرعة اخرج هاتفه الجوال ومن حسن حضه انه قريب من خدمة الشبكة قائلا له : هل تعرف رقم اهلك .؟ فقال : نعم معلوم ، فأعطاه الهاتف ، وقال : اتصل على ماما . استمر يكلم أهله كلهم ، وهو يبكي ويفرح ، لأنه لم يصدق انه سيسمع صوت أمه وأبيه وإخوانه ، ولم يشعر كم من الوقت استغرقت المكالمة ، بعدما انهى المكالمة ، أعاد الجوال إليه وهو يبكي ، فسأله : خير هل الوالدة مريضة ، فقال لا لا ، ماما كله كويس الحمد لله ، شكرا اخو ، أنا فيه زمان ما يسمع صوت ماما ) . اخذ جواله وانصرف ووقعت عيناه على ثمن المكالمة وإذا بها قد استهلكت سبعين ريالا ، فقال في خاطرة الحمد لله .. ********* بعد يومين يعود إلى بيته ، وفي المساء ، يطرق الباب ، يفتح ، وإذا به صاحبه الذي ماطله في دينه ، يدفع له شيكا بالمبلغ الذي عنده وهو ( 70 ألف ريال) ... إنها صنائع المعروف ، مكالمة بسبعين ريالا ، تعيد دين بسبعين الف ريال ... تأمل .. عبد الله العيادة