موضوع البطالة الذي قُتل بحثاً وكتب عنه الكثير من الكتاب، هو موضوع يطرح نفسه في رأس قائمة أولويات أي حكومة لما له من تأثيرات اقتصادية واجتماعية وأمنية، ومما لا شك فيه أن حكومتنا الرشيدة لم تقصر في دعم كل الوزارات المعنية بالتوظيف والتعليم والتدريب دعماً شمل كل ما يحقق خفض نسبة البطالة المتزايدة بتسارع ملحوظ. هذا الموضوع الشائك المتعدد الأسباب والمسببات والذي لم يرحم حتى الدول الغنية، وهو سبب رئيسي في انتشار الجريمة بأنواعها، يحتم علينا توسيع النظرة له ومحاولة تطوير آفاق التفكير عند وضع حلول من المفترض أنها عملية، فلا يعقل أن يبدأ الحل من نهاية المشكلة وهي البطالة، بل لابد أن تتحد الجهود لوضع حلول لبداية المشكلة وهي طرق التعليم في المراحل الأولية وتخصصات التعليم العالي وضعف الحصيلة العلمية للخريجين. أحد أسباب ازدياد البطالة في المملكة العربية السعودية هو استمرار الإبتعاث الخارجي في بعض التخصصات التي اعتقد المخططون للبرنامج أنها هي الاحتياج الفعلي والمطلوب في القطاع العام والخاص إلا أنها لم تكن كذلك، ومن ناحية أخرى ما الفائدة المرجوة من تعليمهم في الخارج دون ضمان الوظيفة لهم، والنتائج هي عودة الآلاف منهم فقط لزيادة إحصائيات وأرقام البطالة. السبب الأخر والمرادف للسابق هو الاستمرار في تخريج طلاب الجامعات السعودية من تخصصات غير مطلوبة، أدى ذلك لتوسيع الفجوة بين مخرجات التعليم وحاجة سوق العمل ومن ثم زيادة العاطلين. وبحكم متابعتي للصحف وأخبار الجامعات وقربي من أحدى الجهات المختصة بالتوظيف، وجدت أن الفجوة حدثت بسبب لا مبالاة ممزوجة برمي الكرة في ملعب الجهات المعنية بالتوظيف من قِبل الجهات التعليمية، حيث لم نسمع في السابق عن تنسيق مع جهات التوظيف للوصول إلى الحاجة الحقيقية لسوق العمل، ولو حدث ذلك لما وصلنا لهذه الأعداد من العاطلين يحملون شهادات في تخصصات مثل التاريخ والجغرافيا... الخ. يجب على الوزارات المعنية بالتعليم وضع إستراتيجية وخطط تشاركهم فيها الجهات المعنية بالتوظيف ويستحسن إشراك لجان الغرفة التجارية لإيصال أصوات رجال الأعمال، وهذا يعني الوصول للتوازن المطلوب في معادلة "التعليم وسوق العمل" للحصول على مواطن مطلوب وفاعل في سوق العمل، ولا يحدث ذلك إلا بالتركيز على أهم مدخلات هذه المعادلة وهي التعليم والتدريب، فلا يصح أن نخرج جيلاً من الشباب في علوم تشبع منها القطاع الحكومي ولفضتها الشركات. لا بد من إقفال بعض الأقسام الجامعية العقيمة في هذا العقد، ولو تضرر بعض أعضاء هيئات التدريس بدلاً من زيادة أعداد العاطلين، وضياع طاقات الشباب وزيادة الأجانب؟ وبالتالي توفير الأموال التي تهدر على هذه الأقسام وعلى تعليم أجيال طاقاتها مهدرة، والتقليل من أموال يستفيد منها الأجانب لن تصرف في هذا البلد ولن يستفد منها أبناؤه. نكزة : بعض الجامعات تحورت إلى قطاعات تجارية ومقاولات وبنت لها أبراج وعقارات بدلا من بناء جيل متعلم يرغب في توظيفه الجميع وتتسابق عليه الشركات .. وبعض قرارات التعليم كالسماح بدخول الأطفال المرحلة الابتدائية لمن هم أقل من 6 سنوات يدل على الاهتمام بالشكليات وغض النظر عن المضمون والدليل درجات الطلاب في التحصيلي والقدرات. والله أعلم سلطان علي الشهري https://twitter.com/#!/SultanShehri