الصراع بين الحق والباطل ، والاختلاف في التفاصيل ، سنة كونية . قد تتغير الموضوعات والأهداف ، وقد يشتعل الصراع أو يخبو بحسب موقف كل طرف ومصالحه ، لكن الصراع يبقى هو نفسه .. وعندما تشتعل أجواء الجدل الفكري والديني أو حتى السياسي ؛ ستجد كل فريق يدعي أنه هو من يمثل الصواب المطلق ، ويحاول فرض وصايته على المجتمع تحت ذرائع بعضها باطل وبعضها صحيح !! هذه السجالات تتحول إلى ملاسنات وتنابز واستعداء للسلطة من قبل كل فريق على الآخر مرة بالمزايدة على المواطنة واستحقاقاتها ، ومرة باسم الدين والهوية . ستجد الرويبضة يتكلم بشأن العامة !! وتجد من يزعم أنه هو حامي حمى الدين !! وتجد آخرين كل همهم أن يبحثوا عن دور في هذا الصراع ليبقوا في الصورة !! وستجد وسائل إعلام تقتات على الحدث لترفع نسبة مشاهدتها بحوارات لا معنى لها ولا هدف !! وستفاجأ أن شخصية امرأة غير معروفة ، تحولت إلى رمز فكري وتم تصويرها وكأنها ضحية لموقفها وشجاعتها الفكرية مع أنها بلا وزن أو تأثير يجعل من مدينة كاملة مثل بريدة تنشغل بمحاضرتها التي يعرف العقلاء سلفاً أنه لن يحضرها سوى من نظّمها !! ستسمع من يحاول إقناعك أن رقص بعض السفهاء في الجنادرية يجب أن يكون على رأس القائمة في أولويات الاحتساب !! أو أن عبارة ضالة يكتبها حدث يبحث عن الشهرة في تويتر تتحول إلى حديث ضخم عن تكون ظاهرة إلحاد في جزيرة الإسلام !! لقد سئمنا هذه التمثيليات الفكرية الهزيلة ، والصراعات المصطنعة ، سواء بين الإسلاميين والليبراليين من جهة ، أو بين أجنحة التيارات الدينية نفسها . ولئن كانت سنوات الحرب على كل المظاهر الدينية لم تمنع الناس من العودة ( وبقوة إلى تدينهم وحجابهم وصلاتهم في تونس مثلاً أو حتى الاتحاد السوفيتي ) فلماذا يقف على رؤوسنا من يزعم أن الأمة قد تنسلخ بسبب فكرة مريضة ، ثم يستنفد طاقاتنا الفكرية وعاطفتنا الدينية في الحديث عن هذه الفكرة واجترارها ونسج القصص حولها . إلى كل من يشتغلون بهذه الملهاة أقول لقد مللنا التباكي على جسد الفضيلة : إن اعتزاز الناس بهويتهم ودينهم ومواطنتهم لن تزلزله تغريدة طائشة أو مقال سخيف . ومن زعم أنه يحمي الدين فهو قد أخطأ فتديننا هو ما يحمينا ولسنا من نحميه . وهل تزعمون أن عقيدتنا التي ولدنا عليها ومناهجنا التي تدرسنا حدود الحلال والحرام وكتاب الله غير كافية لتحمينا من مقال يدون أو تغريدة تحمل شبهة قبيحة أو تدعو إلى رذيلة ، وهل أنتم حقاً وحدكم القادرون على حمايتنا !! الناس بحاجة إلى من يناقش همومهم . الناس يحتاجون العالم الرباني ليتقدمهم نحو المواقف الجادة التي تعبر عن وعي الأمة وقضاياها الأساسية . الناس بحاجة إلى مفكر يعيش واقعهم ويعبر عن قضاياهم . المراء و إشغال المجتمع بطواحين الهواء ، واستنفاد عاطفته الدينية وطاقته في صراعات تشتعل و تخبو دون هدف هو مجرد ملهاة يستفيد منها أصحابها ومن سعى في إشعالها !! سئمناكم أيها الليبراليون المزيفون يا من ترقصون على جراحنا و تختصرون قضاينا بالحديث عن المرأة !! مللنا من تكراركم السمج لحرية التعبير الوهمية التي تنادون بها والتي تمتد لتعتدي على ثوابت الأمة و تتراجع أمام المصالح الخاصة !! إضاءة : لك الحرية في أن تظن أن المجتمع قاصر أو جاهل .. لكن هذا لا يمنحك حق الوصاية عليه أو الحديث باسمه .. الأغلبية الصامتة لم يعودوا أغبياء بدرجة كافية !! أحمد بن عبدالله أباالخيل