غاب عن الأنظار لفترة وانقطع عن العمل لأيام , كثر السؤال والاستفهام والاستعلام عن سفره المفاجئ وغيابه الذي كان بلا مقدمات !! ترك كل شئ خلفه وتوقف كل ما تحت يده من أعمال أو مواعيد أو مشاريع . عاد بعد زمن ولكنه ليس صاحبنا الأول , غابت اشراقة وجهه ولمعان عينيه وتألق روحه عاد بوجه شاحب وجسد منكسر ونفس محاصرة , ليس ذلك الوجه هو من غادرنا , وليست تلك الروح روحه التي كان يسبح بها ومعها هنا وهناك !! لقيته على عجل بعد عودته , فدار بيننا حوار عن حالته ,فطأطأ رأسه وقال الحمد لله على قضائه مشكلة في القلب تفاجئة بها ولا أعلم أأنجوا منها أم لا , ولكن الأمر خطير جداً !! انطلق بغير طلب مني في سرد تجليات وضعه وعاتب نفسه كثيرا أمامي حينما قال أجهدت نفسي كثيرا في الأيام الخوالي ولم اعرف أن لبدنك عليك حقاً , كنت كتوماً لا أعرف البوح ولا الفضفضة وكنت اعتقد أن ذلك قوة وصلابة وهو عكس ذلك تماماً , غرقت في ضغوط العمل والحياة ونسيت حياتي وأسرتي وحقوقي الشخصية وكنت لاهثاً لا اعرف الراحة والمتعة والاسترخاء , كان التوتر والضغوط والقلق السمة الغالبة على حياتي بكل أسف وهو ما دمرني وأنا في عز شبابي !! رغم أن اللقاء كان عابراً ولكنه حمل معاني كثيرة بالنسبة لي , كان أحساسي انه يودعني ويحملني رسالة للآخرين , وفعلاً بعد أسابيع تلقيت خبر وفاته وهو لم يكمل الأربعين ربيعاً . فور تلقي الخبر تذكرت قصة صديقي مدير المستشفى عندما اخبرني عن عدد من الحالات التي تأتيهم وهي مصابة بالجلطات وهي في عمر الزهور حيث حار الأطباء بها . تساءلت بألم : لماذا ينتقم الإنسان من نفسه هكذا , وهل غابت النهاية المحزنة عن مخيلته . فأعداد المصابين بأمراض ناتجة من ضغوط العمل وتوترات الحياة بزدياد كبير وهم حسب بعض الدراسات في إزدياد مضطرد ففي الولاياتالمتحدةالأمريكية على سبيل المثال من مات في سنة واحده بسبب ضغوط العمل والقلق والتوتر والمخاوف أكثر من 3 أضعاف ممن قتلوا في الحرب العالمية الثانية فلماذا لا نعلن حالة الطوارئ لمقاومة هذا المرض الخطير الذي جعل الناس أشبه بالمكائن البشرية التي لا تعرف طعم الراحة ولا المتعة ولا الاستجمام .. تمني نفسها بسعادة لاحقة وتؤجل كل شئ جميل إلى موعد هلامي غير منظور لماذا كل هذا وهل أعمى بريق المال أو الشهرة أو المنصب أو المنافسة بعض الناس عن مفهوم التوازن في الحياة بين الروح والعقل والعاطفة والجسد , بين العمل والأسرة وحقوق الخالق والأصدقاء والمجتمع .. بين الترفيه والانجاز .. انه التوازن التي يجلب السعادة التي ينشدها الجميع فقيمة العمل الجاد وهو فضيلة لا تعني الإرهاق الجسدي أو النفسي , والطموح في الحياة لا يعني ضياع الأسرة أو الصحة أو العلاقات . ولهذا نطرح هنا هذه المفاهيم ليعيد الجميع حساباته ويضبط المعادلة قبل أن يفاجئ بخسارة كبرى غيرة مجرى حياته .. كيف نتعامل مع الضغوط 1 / الإيمان بقضاء الله وقدره أكبر باعث على الطمأنينة وهو الرسالة السماوية لنا بأن ماكتب لنا لن يتجاوزنا وما عداه لن يكون لنا لو بذلنا ما بذلنا فنكون هنا كسبنا السكينة والرضا وانصرف تركيزنا لما هو أهم . 2 / الفضفضة كثير من الناس يعتقد أن الكتمان قوة وشموخ وهو اعتقاد خاطئ له اثر كبير على الوضع الصحي والنفسي والسلوكي وفمارس سحر الفضفضة واستمتع به وسوف تحس بأن الجبل الذي اثقلك انزاح وعادت روحك تحلق من جديد . 3 / التركيز على الحل وليس التركيز على المشكلة وهو جزء مهم وسوف تولد لك الكثير من الحلول بينما تركيزك على المشكلة سوف يجعلك تدور في دائرة مغلقة لن تخرج منها 4 / العمل الجاد للحل ثم التسليم لله وهو احكم واعلم عندما تستنفذ الكثير المحاولات فقد حضيت بشرف المحاولة وقمت بما عليك وانتظر الفرج من الله وواصل العمل بطرق أخرى ومخارج جديدة ولا تقلق فالفرج قادم ولكن لا تيأس ولا تتوتر 5 / تذكر اثر المتاعب النفسية على صحتك وإنتاجيتك وحلم حياتك تذكر اثر هذه الواقع الخطير من الضغوطات والتوتر والقلق وربما الإفراط في التدخين أو السهر على صحتك ومستقبل حياتك وأن الفاجعة قد تأتي خلال دقائق ويموت حلمك أمامك فهون على نفسك ولا تظلمها معك فالنتائج وخيمة وتذكر دوماً أسرتك ومحبيك . 6 / استشارة المختصين في كل فن وعلم عندما تواجه أي مشكلة أو ضغط استشر أهل الاختصاص فلديهم الكثير من الأفكار التي لم تطرأ عليك وأنت بأمس الحاجة لها . 7 / عندما توجهك مشكلة سوف تجد حلولها في تجارب الآخرين لا تستهن بتجارب الآخرين ففيها الكثير من العبر والحلول وسوف تجد فيها ما لم تجده في أمهات الكتب 8 / أعطي نفسك إجازة ربع سنويه لكي تتخفف من الضغوط والإجهاد أعطي نفسك إجازة ربع سنوية لبضعة أيام بالإضافة إلى الاستمتاع الكامل في إجازة نهاية الأسبوع ولا تخلط الأوراق هنا فللعمل وقت وللراحة والاستجمام وقت , واستمتع باللحظة الجميلة ولا تفوتها بحجة وجود تحديات أو مشاكل . 9 / فوض الأعمال للآخرين ولا تكن مركزياً ابتعد عن المركزية بقدر المستطاع وفوض الكثير من الصلاحيات بمن تثق بهم وسوف تنجز الكثير وتخف عليك الأعباء وتزيد الإنتاجية وتتحقق الأهداف 10 تحكم بأعصابك وتعامل مع المشكلات والضغوط بتجلد عندها سوف يعمل عقلك دخولك في نوبات توتر وقلق وغضب عارم وضغط مستمر سوف يفقدك أهم ما تملك وهو عقلك وسوف يتوقف عن العمل وتحس بالتشويش والإجهاد وعدم القدرة على التفكير وهذا له تبعاته السلبية فتجلد وعالج كل شئ بهدوء وسعة صدر ولا تحتد . بكل كفاءة والعكس صحيح عندما تجزع وتغب فإن كل شئ يتعطل 11 / لا تعمل بلا سقف أو هدف أو خطة محددة . ضع أهداف مكتوبة وواقعية مع قليل من التحدي ولا تعمل بلا هدف حيث سوف تتحول إلى طاقة مهدرة بلا وجهه أو بوصلة تحدد الاتجاه وركز على تقسم الأهداف الكبيرة والإستراتيجية إلى عدة مراحل وعندها سوف يتحقق المراد وتذكر أن الناجحين ينفقون 80% في التخطيط و 20 %في التنفيذ . 12 حارب القلق والتوتر والخوف بالثقة واليقين واحرص على الاسترخاء وممارسة الهويات الخفيفة والنوم المبكر والغذاء الصحي وتعرف على نقاط ضعفك وعاداتك السيئة وعلاجها عن طريق البرامج التدريبية المتخصصة والقراءة والاطلاع ومجاهدة النفس وسوف تكون أفضل بأذن الله 13 / تعامل مع الفشل على أنه البداية وليس النهاية فالكل مر به ولدى الجميع الكثير من التجارب الفاشلة فهو مجرد مرحلة من مراحل النجاح . 14 / تجنب الصراعات المفتعلة أو الهامشية وركز على حياتك وعملك ومشاريعك وعلاقاتك ولا تضع طاقتك ووقتك فيما يضرك ولا ينفعك واحذر من الوقوع في هذا الفخ الذي كان سبباً في فشل الكثيرين . محبرة الحكيم حلمك بأن تكون ناجحاً أو ثرياً أو مشهوراً أو مؤثراً لا يعني أن تطعن تلك الروح الجميلة وتفتك بها من خلال نمط حياة قاتل .. سلطان بن عبدالرحمن العثيم مستشار ومدرب معتمد في التنمية البشرية والتطوير cct باحث في الفكر الإسلامي والسيرة النبوية الشريفة [email protected]