إن ما يميز المجتمعات الناجحة هو وقوفها على المشكلة والبحث في أسباب حدوثها بدلاً من لعنها وذم الدهر والاعتقاد بدنو الساعة .. نعم .. ما وقع من حمزة كشغري هو ابتلاء لنا وكل ما نحن فيه من خير ومن شر هو ابتلاء ولكن أين طلبنا للأسباب ؟؟ _ لو أعتقدنا بأن كل ما يصيبنا من مرض وفقر وجوع وكوارث هو ابتلاء ولم نسعى في طلب رفع هذا البلاء لم نحقق مراد الله تعالى من خلقنا فنحن لم يخلقنا الله تعالى إلا لعبادته وخلافته في هذه الأرض .. ولن نعبد الله ما دمنا لا نعمل بل نتواكل ونلعن الدهر ونتشاءم وننتظر ونتمنى على الله الأماني فهذا هو العجز بعينه ... ولهذا كتبت موضوعي باحثاً في أسباب المشكلة ولست مبرراً لصنيع حمزة فأنا هنا كالذي يبحث في أسباب تسرب الماء من الخزان بعد أن هرب الماء فخسرنا بعضه وحتى لا نخسر ثانية يجب أن نسعى في الإصلاح .. إنني أكتب هذه السطور وقلبي يكاد يحترق من هول هذه المشكلة الخطيرة التي أقف الآن عليها .. حمزة كشغري لا يمثل نفسه فقط بل هو أحد شبابنا الذين خسرناهم بعدما أصيبوا بأصعب أمراض القلوب وأعتاها وهو الجهل أو الشك والشبهة لأنه شاب في أوج شبابه أحس بألم مرض الجهل فلم يجد الطبيب الذي يستحق أن يأتيه فذهب يشغل قلبه عن مرضه بكتب الفلاسفة التي لا تنفع فزادته مرضاً إلى مرضه حتى وصل إلى ما وصل إليه ... يقول ابن القيم وعلاج الجهل هو الرجوع إلى الرسل وأتباعهم فهم أطباء هذا المرض ... وحمزة تطاول على خير الرسل فما بالك بأتباعه فهل نرجوا منه أن يعود بعد هذا إليه للعلاج ؟؟ لماذا تطاول حمزة على جناب خاتم الأنبياء والمرسلين ؟؟ لأنه بدءاً من أول شعور بألم الجهل لم يتعالج بالكتب الشرعية .. ولماذا لم يتجه لكتب العلم واتجه إلى كتب الفلاسفة التي زادته مرضاً حتى تطاول على الطبيب المداوي ؟؟ الجواب : لأنه لم يثق فيها ..لأنه اختصر الطريق فنظر إلى من نهل منها فوجدهم ليسوا القدوة الصالحة التي يرسمها له الإعلام حتى ولو كانوا يستحقون هذا ... وفي المقابل ولأن القلب لابد أن يتخذ قدوة صالحة نظر إلى زخرف الغرب فافتتن بمالديهم من علم ومعرفة دنيوية لا تتعدى مرأى العين والسمع .. إننا عندما تصاب أبداننا بأصعب الأمراض نذهب إلى من نثق فيه من الأطباء ولو كان في أبعد أصقاع الأرض ولن نثق بهؤلاء الأطباء إلا عن طريق السمعة الطيبة التي ينقلها إلينا الإعلام ... وكذلك أمراض القلوب الخطيرة وهي الجهل والشكوك كيف نريد من شبابنا أن يسألوا أهل الذكر وهم يقرأون عن أخطاءهم في أعمدة الصحف ؟؟ كيف تريدون من شبابنا أن يعالجوا قلوبهم وهم يشاهدون أتباع الرسل وهم يتندر بهم وبجهلهم وبأخطاءهم ..في وسائل الإعلام المقروءة وفي أشهر القنوات التي تلج في كل منزل ؟؟ أخيراً .. أقول نحن في أمس الحاجة إلى عودة الصورة الجميلة التي يرسمها الشباب عن العلماء الأجلاء لأنهم يجب أن يكونوا القدوة الحسنة والطبيب الذي يثق فيه المريض إذا مرض قلبه , ومسؤولية هذه الأفكار تقع على الإعلام بجميع أشكاله نحن الآن سنحاسب حمزة على ما بدر منه ومن العدل بعد هذا أن نحاسب كل من يسخر بأتباع الأنبياء ويحاول أن يزيح المهابة عنهم وينصب العداء لهم ويبعد بهذا شبابنا عن سؤالهم والنزول إليهم إذا آلمتهم أمراض القلوب .. سليم الحربي