الدماء التي تنزف في سوريا يومياً لا بد من وقفها . فقد استفحل الأمر وكثرة الجرائم الإنسانية من قتل وسجن وتعذيب والعالم يتفرج . والمعارضون يتجادلون بخصوص الاستعانة بالقوات الدولية . فلا يجوز شرعاً ولا قانوناً أن يقف القادرون من الدول موقف المتفرج ويتركون الشعب تحت رحمة القتل والقمع ، ولا يكون تحركهم إلا وفق مصالحهم على حساب أشلاء الأبرياء . لقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى والكعبة تهدم يومياً عشرات المرات في سوريا والشعب يطلب النجدة والإغاثة بأي سبيل . وما تفعله جامعة الدول العربية ليس حلا للمشكلة بل أصبحت الجامعة العربية عبئاً على الشعب وأصبحت جزء من المشكلة بدل أن تكون حلاً لها . ثم جاء اقتراح سمو أمير دولة قطر بخصوص إرسال قوات عربية لوقف إراقة الدماء في سوريا وهذا الاقتراح خطوة جيدة وفاعلة وتصريح قوي وجريء سيجلب الصداع والارتباك لأركان النظام . وتشكر دولة قطر على هذا الاقتراح . وقد يكون هذا الاقتراح تمهيداً لإرسال القوات العربية بالفعل . ولكن هل هذا الاقتراح هو الحل السحري الذي سوف ينهي المشكلة . لا أظن ذلك . إذ إن إرسال القوات العربية سيطيل بعمر الثورة لسنوات ، وذلك لاعتقادي أن هذه الخطوة هي أمنية الدول الغربية أو أمريكا على وجه الخصوص . وما نرى من تباطؤ هيئة الأمم عن التدخل وأخذ زمام المبادرة في الحل إلا لكي يتورط العرب بالتدخل العسكري . والدول الغربية تبحث عن ميدان للحرب بين إيران والعرب ، وستكون أرض سوريا أنسب ميدان لهذه الحرب فبجرد دخول القوات العربية إلى سوريا وقيام الحرب مع النظام السوري ستتدخل إيران بشكل غير معلن وعلى نطاق أوسع . أما الدول الغربية فستتمتع بالفرجة ، وسيكون دورها العمل على إطالة أمد الحرب كأن تمد الطرفين بالسلاح متى ما شعرت بضعف أحدهما وستكون مع الثورة بالإعلام فقط . وما يعزز هذا التصور أن سوريا ليست دولة نفطية ولا تؤثر في الاقتصاد العالمي كثيراً فكونها تكون بؤرة ساخنة وإلى أمد طويل هذا فيه خدمة للدول الغربية واستنزاف للخزينة الخليجية والخزينة الإيرانية . وفيه إشغال للعرب وإيران عن إسرائيل . ومن أجل ذلك سيكون هناك ضغط من الدول الغربية على الدول العربية للتدخل العسكري بحجة إيقاف القتل والقمع وحماية المدنيين من الشعب السوري . والهدف غير ذلك . وأتمنى أن لا يكون الاقتراح القطري نتيجة لهذا الضغط . وأنا أستغرب من هذا الاقتراح القطري حيث قفز على خطوة أهم وهي الحظر الجوي ، كيف يريد أمير قطر تدخل القوات العربية بدون حضر جوي . إذ المفترض أن يطالب بالحظر الجوي أولاً . والحظر الجوي كاف لسقوط النظام بدون تدخل قوات برية . فمع حظر كافة العمليات العسكرية التي يقوم بها النظام وخصوصاً حضر استخدام الآليات الثقيلة كالدبابات والراجمات وبتحييد الطيران السوري ومنعه من الاستخدام ستحصل الانشقاقات عن النظام بشكل أوسع وبالتالي يستطيع الشعب مع المنشقين مقاومة النظام وإجباره على ما يريدون . والحظر الجوي هو مطلب شعبي وهو ما ينادي به المقاومون وهو أقل ما يمكن عمله لوقف عمليات القتل والقمع وتمكين الشعب من التظاهر بحرية والمطالبة بكافة حقوقه والوصول إلى إقامة حكومة ديموقراطية عادلة تراعي كافة الحقوق . صالح علي الضحيان مستشار تربوي