بدأ موسم الجامعات السعودية هذه الأيام في نشر إعلاناتها الكاذبة على مواقعها الإلكترونية وفي المواقع والصحف التي تتضمن حاجتها لشغل الكثير من الوظائف الأكاديمية على مختلف الدرجات العلمية. الإعلانات في ظاهرها تأتي بدعوى شغل هذه الوظائف بكوادر وطنية من الجنسين بدلا من المتعاقدين، لكن باطنها فيه الكذب والخداع فنشر هذه الإعلانات يأتي لسببين لا ثالث لهما : السبب الأول ليكون مبررا ومستندا لدى الجامعة لتدافع عن نفسها عند مساءلتها من قبل الأجهزة الرقابية ( هذا إن كان هناك مساءلة في الأصل ) لأن ما يتم على أرض الواقع يؤكد غياب دور الرقابة والمساءلة على هذه الجامعات وليس هناك دليل أكبر من تصريح معالي وزير التعليم العالي حينما قال أن مديري الجامعات لديهم صلاحيات تفوق صلاحياتي كوزير . وصلاحية التوظيف تأتي في مقدمة الصلاحيات التي يتم العبث من خلالها بحقوق المواطن والمواطنة حينما تسلب فرصته الوظيفية في بلده في حين يفرش الطريق بالورود للوافد ويتم التغاضي عن الضوابط التي تسرد أمام المتقدم الوطني حين يتقدم على الوظيفة عند الإعلان ويتم إقصائه بحجتها وإن انطبقت عليه الضوابط فلا حل لإقصائه إلا بسيف المقابلة الشخصية تلك الورقة الرابحة التي لا يمكن السيطرة على صحة ما يتم بناء عليها سوى بوجود الضمائر الحقيقة والصادقة والحس الوطني لدى من يشرفون على هذه المقابلات الشخصية في الجامعات وهذا أمر لا مجال للحديث لأنه غائب نهائيا إلا في حالات بسيطة . أما ثاني سببي نشر هذه الإعلانات عزيزي القاريء فهو من أجل أن تضمن الجامعات حق الحصول على تأشيرات لاستقدام أعضاء هيئة للتدريس من خارج البلد . فمن المعلوم أن وزارة العمل لاتمنح تأشيرات لاستقدام أعضاء هيئة تدريس وافدين لأي جامعة حتى تكون الجامعة قد أعلنت عن هذه الوظائف داخليا. فنجد الجامعات تطرح الإعلانات وهي في الأصل قد اعتمدت النتائج فمن لا تبعده الضوابط التعسفية فالمقابلة الشخصية له بالمرصاد. لتستعد بعد ذلك لجان التعاقد التي تكلفها الجامعة للسفر إلى الدول - التي غالبا ما يرفض خريجيها من أبناء الوطن_ وتمكث هناك شهرا أو شهرين وتعود وقد وافقت على استقطاب عدد من الوافدين للعمل في الوظائف الأكاديمية بالجامعة لينضموا إلى سابقيهم. دور وزارة التعليم العالي باعتبارها الجهاز الإشرافي على الجامعات غائب تماما وليس هناك وميض من الأمل في أن تتحرك. ووزارة العمل تضع كل التسهيلات لمنح التأشيرات فالمطلوب فقط مجرد إعلان ضاربة بعرض الحائط الفقرة أ من المادة 26 من نظام العمل والعمال التي نصها (على جميع المنشآت في مختلف أنشطتها، وأياً كان عدد العاملين فيها، العمل على استقطاب السعوديين وتوظيفهم، وتوفير وسائل استمرارهم في العمل، وإتاحة الفرصة المناسبة لهم لإثبات صلاحيتهم للعمل، عن طريق توجيههم وتدريبهم وتأهيلهم للأعمال الموكلة إليهم.) بات من الضروري استيعاب أبناء وبنات الوطن ووقف هذه المهازل المتمثلة في منح التأشيرات للجامعات لاستقدام الوافدين حتى في التخصصات التي يعج البلد بحامليها من الجنسين لأن ذلك ضرب من العبث بحقوق المواطنين والمواطنات وعدم منحهم الفرص الوظيفية في مؤسسات بلدهم . وهذا لا يتأتي إلا بتكوين لجنة من ديوان المراقبة وهيئة مكافحة الفساد للوقوف على مسائل التوظيف بالجامعات وتقصي الحقائق تجاه هذا الأمر فما تتم ممارسته في ردهات جامعاتنا أصبح أمرا لا يطاق واستفزازا صريحا لأبناء وبنات الوطن في عهد الرخاء وبقيادة خادم الحرمين الشريفين الذين ينادي دائما بضرورة توفير الفرص لأبنائه وبناته من المواطنين وضمان الاستقرار الوظيفي والمعيشي لهم. مشاهدات من إعلانات جامعاتنا : -جامعة تعلن عن وظائف وبعد مدة وإذا بنفس الإعلان ولم يتغير به سوى التاريخ فقط.!!! -جامعة أخرى تعلن عبر موقعها وعندما تتابع الموقع تجد الإعلان موجودا تارة وتارة أخرى غير موجود خصوصا في أوقات الذروة لاتجده ( وقد يكون هذا الإعلان لا يرغب نشره إلا في أواخر الليل لأنه لا يحب الضجيج وكثرة المتقدمين عبر الرابط ).!!! - جامعة أخرى تعلن ولكن في صفحة داخلية تتبع للكلية في داخل موقع الجامعة وإن لم تكن تتصفح الموقع عن طريق الصدفة فلن تعلم عنه أبدا ( لا ضير في ذلك فالهدف كما ذكرنا مجرد إعلان فقط ) !!! -جامعة أخرى تعلن وتتصل على من يسمون مرشحين ولكن متى تتصل بهم ؟ الساعة الثامنة مساء لتخبرهم بأن المقابلة غدأ في تمام الساعة 11 صباحا حتى وإن كنت في جازان والجامعة في تبوك مثلا لايهم . فالمهم أننا أخبرناك ليس إلا وربما يكون الهدف حتى لا تحضر. أليست هذه النماذج من إعلانات جامعاتنا كافية لوجود خلل كبير في عملية التوظيف بالجامعات السعودية وأمرا يتطلب تدخل الجهات الرقابية لوقف هذا الخلل ومحاسبة المتلاعبين ؟؟ ثم ألم يحن الوقت لإسناد عملية التوظيف بالجامعات إلى وزارة الخدمة المدنية عبر برنامج حاسوبي يضمن حقوق المتقدمين ويلغي المحسوبيات ويوقف سيل الوافدين الذي غمر جامعاتنا بإعدادهم الكثيرة دون مبرر ؟ أتوقع أن ذلك بات في حكم الضرورة من أجل مصلحة الوطن والمواطن. ثم إنني أوجه دعوة للجهات الرقابية وعلى رأسها هيئة مكافحة الفساد لتراقب هذه الإعلانات ثم تطلب بعد ذلك إحصائية عن عدد المقبولين والمقبولات من الوطنيين لتكتشف حجم التلاعب الذي يحدث. د.عائض بن سعيد الغامدي