أن تخالف رأيا أو تعارض فكرا أو تخاصم طرفا , كل ذلك حقٌ مشروعٌ أو مستساغٌ لك , مادمت ملتزما بآداب الإختلاف متجنبا الزيف والتجني والفجور في الخصومة . يمكنك أن ترفض طرحا معينا , وتدعوا لآخر تراه أفضل وأكمل ، دون أن تخلع عنك أردية الصدق والموضوعية والأمانة . ولكن مع التصعيد الإعلامي مؤخرا لبعض قضايا المرأة السعودية وتأجيجها عربيا ودوليا , صاحب ذلك الكثير من الملاحظات السلبية والأمور المؤلمة ، كتهميش الأولويات والقضايا الأساسية التي تمس حقوق المرأة واحتياجاتها في مقابل تصدير مسائل ثانوية ليست في الواقع مما يشغل الحيز الأهم أو الأكبر في مطالبها واهتماماتها . كذلك فتح الأبواب مُشرعة أمام الأطراف الخارجية للتدخل في الشئون المحلية الخاصة للمجتمع السعودي , بل واستدعائه خصيصا لذلك واستعدائه ضد الجهات الرسمية والشعبية في البلد . أما الظاهرة الأبرز فهي ما زامن كل تلك الضجة من ترويج للكثير من المغالطات والافتراءات التي لا تستند في بنائها إلى دلائل أو منطق , إنما هي رؤى شخصية لأصحابها حاولوا تمريرها باعتبارها حقائق ثابتة . كإشاعة تلك الفرية الكبرى والتي مفادها " أن علماء البلد و محافظيها أو ما يُطلق عليهم " الإسلاميين " هم العدو الحقيقي للمرأة السعودية , و سبب معاناتها المزعومة , والمسؤول الأول عن تعطيل مصالحها وإهدار حقوقها " !! وتصوير الأمر على أنها مغلوبة على أمرها تُقمع بسلطان الاستبداد من قبل هذه الفئة الظلامية !! . وكمواطنة سعودية أقسم أنني لا أنطلق فيما سأكتبه من مجرد قناعاتي بفضل أولئك الصالحين والمتدينين , وشعوري بالمحبة والتقدير والثقة فيهم وهذه توجهات وقناعات لا أنكرها ولا أدّعي تجردي منها ولكني سأستند في صحة الأفكار التي أطرحها بإثباتات و براهين من الواقع . أُتهم المحافظون أنهم ضد حرية المرأة وحقوقها وأنهم يرونها رأس الشهوات لذا يلزم حبسها وتقييدها حفاظا على المجتمع من شرها , وأنهم ينتقصونها ويحتقرونها برفضهم المساواة !!. فيما الحقيقة أنهم أول من طالب بخلاصها من عبودية الخلق وتحررها من قيود الأهواء والشهوات , وأيد حرّيتها المنضبطة بمعايير الشرع , ونادى بكرامتها واحترام إنسانيتها لا من باب مساواتها بالرجل فهذا ظلمٌ لهما معا وإنما من باب العدل , لم يقولوا يوما بحبس المرأة والتضييق عليها بل ذكّروها بقيم الفضيلة التي تحميها حال خروجها . وساهموا بمئات الآلاف من الخطب والبرامج والمشاركات التوجيهية والتثقيفية في الدعوة إلى إكرام المرأة والإحسان إليها والبرّ والرفق بها أمّا وزوجة وابنة .... كيف نجحد كل هذا البذل والجهد الدعوي الإيجابي الذي يقومون به في تصحيح المفاهيم والمناداة بإعطاء المرأة حقوقها الشرعية و تناولهم لقضايا مهمة كالطلاق والعنوسة والنفقة والحضانة .. وغيرها , ورفضهم و وقوفهم في وجه كثير من العادات الظالمة والتقاليد الجائرة التي كان ولازال بعضها سائد في مجتمعنا وفيها ظلمٌ للأنثى كالحجر والعضل وأكل أموالها و عدم توريثها .. وفي مجال تعليمها وعملها والذي يحاول البعض إيهامنا بأن المحافظين يحاولون منع المرأة منهما لتبقى تحت سيطرتهم زعموا بينما نسمع ونشهد يوميا حرص أولئك الأخيار على تعليم المرأة وتثقيفها ومطالبتهم الدولة بتهيئة الأجواء المناسبة وتحقيق البيئة الداعمة للنجاح وتحسين أعلى المقاييس في ( المناهج المعلم المدارس وسائل النقل ) وهذه هي المطالب الحقيقية التي ترتقي بفكر الفتاة وتغذّي عقلها وليس انشغال البعض بتوافه الأمور وسواقطها !. أما العمل فلم يعترض عليه "الإسلاميون " وإنما رفضوا استغلال حاجة المرأة بالقذف بها فيما لايناسبها , وطالبوا مرارا وتكرارا بخلق فرص العمل التي توفر لها الكسب الشريف . وقدموا دراسات ومشاريع للجهات المعنية توفّر عشرات الآلاف من الوظائف النسائية التي تراعي خصوصية المرأة المسلمة ليس فقط كمعلمة أو طبيبة وممرضة بل إدارية وعاملة في ( أسواق نسائية كبرى ومصانع خاصة للأغذية والتغليف ومراكز للخياطة والتجميل ... ) . كما كان لهم خطوات فاعلة وإيجابية في الفترة الماضية بطرح وتشجيع الجهات الرسمية لتأسيس اللوائح التنظيمية وتشريع آليات تدعم نظام العمل الجزئي والعمل عن بعد للمرأة وتبني سياسات تشغيل متطورة في المجالات الملائمة بشكل أوسع في القطاعين الحكومي والخاص , لتكفل لها حق المشاركة والإنتاج والكسب في بيئة شرعية نظامية آمنة و مرنة , تسهم فيها بتنمية مجتمعها بما يستجيب لحاجاتها ويوافق طبيعتها ويعزز الاستقرار النفسي والاجتماعي والاقتصادي للمرأة والأسرة . ومن تلك المجالات المطروحة : ( التسويق ، التصميم ، النشر الإلكتروني ، الترجمة ، البرمجة والمحاسبة ، الأعمال البنكية ،الاستشارات القانونية ، إدارة المواقع والصحف الإلكترونية .. ) . تعجز مساحة هذه الزاوية مهما اتسعت لأن تستوعب ولو مجرد إشارات سريعة للكثير مما تبقّى من جهود أولئك الأفاضل , ولكني أكتفي بما سبق وأترك لمن أراد الوصول إلى الحق أن يستجليه بنفسه . والله من وراء القصد . ريم سعيد آل عاطف حساب التويتر : http://twitter.com/#!/Reem_Alq