أحد الأصدقاء ( رحمه الله ) لم يتجاوز عمره الخمسين عاما لكنه تقاعد مبكرا لأن لديه قناعة تامة بأن أكثر من نصف راتبه الأصلي بقليل يكفيه بقية حياته , حتى يستثمر ما بقي من عمره ليتفرغ لأبنائه وبيته وراحته قبل كل شيء , لكن بعض الأصدقاء نقمة الا من رحم ربي , حيث أنه منذ تقاعد وهو حديثهم في الاستراحة في ذهابه وانصرافه وفي حضوره وغيابه بأنه أسعد انسان في هذه الدنيا لأنه تقاعد مبكرا , علما بأنه معظمهم قد تجاوزت خدمته الثلاثين عاما ولا زال يعض على وظيفته بالنواجذ , لكن هذا الموضوع وما فعلوه بزميلهم ليس هو مجال حديثنا لأن له قصة أخرى حول العين وخطورتها وتحذير الرسول صلى الله عليه وسلم منها وأنها هي من أوصل الجمل للقدر ( إناء الطعام ) وهي من أوصل الرجل للقبر في الوقت الذي نستهين بها كثيرا . المهم أن هذا الصديق شكى أسفل بطنه يوما ما فأضطر لمراجعة إحدى المستشفيات الخاصة القريبة منه فأجروا له فحصا شاملا قرروا بعدها أن لديه فتق بسيط يحتاج إلى عملية جراحية سوف يكلفه ثلاثة آلاف ريال فقط , وهي سهلة جدا لن تستغرق وقتا , فأستخار وسلم نفسه لهم طائعا مختارا وأجرى العملية ونجحت وزاره محبوه , وبعد ثلاثة أيام خرج بناء على نصيحة الطبيب وجهز نفسه للخروج , لكن كان من الضروري أن يمر على موظف الاستقبال لكي يدفع تكاليف العملية , فأخرج من جيبه المبلغ المتفق عليه وهو ثلاثة آلاف ريال ومده بيده للموظف ليأخذ سند وصل , لكن موظف الاستقبال قال له : وبالحرف الواحد وبدون مقدمات ( ورجاء توقفوا معي قليلا لتسمعوا ما ذا قال ) يا عزيزي هذه الثلاثة آلاف ريال كان متفق عليها معك حينما كان التقرير يفيد بوجود فتق بسيط , لكن المسألة تغيرت فالمبلغ المطلوب منك هو عشرة آلاف ريال لأنه أكتشف أن لديك ورم سرطاني خبيث فتم استئصاله ومن هنا زادت قيمة العملية !! هكذا خرجت تلك الكلمات من فم ذلك الرجل اللئيم على صاحبنا كالصاعقة , ومن سوء حظه أنه لم يكن معه أحد فأدرك لحظتها أقرب قطعة كنب بجواره فارتمى عليها من هول الصاعقة وبقي على تلك الحال حتى أفاق فأخرج هاتفه النقال من جيبه واتصل على صديق له فذكر له ما جرى , فأسرع صديقه إليه وخفف من مصابه وأنهى إجراءات خروجه وغادر به إلى منزله في الوقت الذي موظف الاستقبال ينظر اليهم فاغرا فاه كأنه لم يفعل شيئا . المهم بقي صديقي بعد هذا المشهد فترة بسيطة غادر بعدها الدنيا بلارجعة بعد ثبوت وجود المرض الخبيث الذي لم يستطع التعامل معه ( عليه رحمة الله ) , ويبقى السؤال الطويل العريض الذي من أجله كتبت ما جرى وما يجري يوميا في عدد من المستشفيات بمثل هذا الأسلوب السقيم الذي يجري أو أسوأ منه دون التمعن في تلك الحماقات أو لنقل الكوارث التي يقومون بها , مما يجعلني من هذا المنبر أنادي بأعلى صوتي لمعالي وزير الصحة الانسان الدكتور / عبد الله الربيعة بأن يعمم على مستشفيات الوزارة كاملة بتكوين لجان مختصة من عدد من المشائخ وأساتذة الاجتماع وعلم النفس والأطباء لتتولى ابلاغ المريض بمرض خبيث – وقانا الله وإياكم الأمراض - بأسلوب راق ومهذب لا يؤثر على حياته , وإن كانت اللجان موجودة فيجب تفعيلها والزام المستشفيات الغير حكومية بوجود مثل تلك اللجان المختصة لنخفف من تلك الكوارث اليومية , والله من وراء القصد أسعد الله أوقاتكم.. عبد الرحمن بن محمد الفرّاج الإيميل [email protected]