المستضعفين مع الأنبياء ..من بعد نوح .. الذين يستفزهم الذين استكبروا في كل عصر وكل مصر ليرموهم في براثن الشهوات والشبهات فيكثِّرون بهم سوادهم .. إلى الذين بدأوا يستوحشون النهار وهو في قلوبهم ..ويخافون السبيل وهم أحق به وأهله .. الذين شاحت عن إشراقات أرواحهم الوجوه ..وشحَّت عليهم رياح التغيير أن يكنَّ لواقح .. الذين لم يزالوا يتمنعون مما ليس به بأس خشية مما به بأس.! الذين جعلوا من حديث اتقاء الشبهات جبلا من نار يتوقد في قلوبهم فيفرون إلى الله عن الناس ..ويحبسون درر الدين في قلوبهم ..حتى لا يجرفها طوفان التغيير المزمجر ..ودجاله الذي يغري ويغوي بنعيم الشهوة ومسوغات الشبهة .. الذين تَنَحوا أن يكونوا فراشات لنيران الظهور تحت أي طائل وباتوا يلوذون بأزقة الليل هاربين إلى الثبات في أصول الأصولية ونكهة السلفية وثبات المعالم الأولى ووثبات السائرين ولكن إلى الله فحسب .. لكم وحدكم ..نور النهار ..وهمس الليل ومشاعل الهداية.. مهما تلاطمت ظلمات البحار ولججها .. إن كل شعلة ترونها بعيون قلوبكم صغيرة ..فهي حصوات نبيكم في بدر حين لم يرم إذ رمى ولكن الله رمى ..فيبلغ الله بفضله كلَّ قلبٍ جذوةً من فضلٍ منكم .. وثباتا ونورا أنتم معالمه ..ورياح ورَوح ورُوح أنتم نسائمها ..فتبللُّ كلَّ شفةٍ تيبست من الجفاء والجفاف ..وترعون كلَّ فسيلة غُرست في ذات الله ..وبكم تشدُّ الرحال إلى الله ..وبدعواتكم تهمي السماء فرَحا ..وتزهرُ الأرض خيرا وبركة فهنيئا لكم التمنع وترديد : إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا ، وكلما أشرقت الدنيا كعروس فاتنة كاسية عارية ..تزدادون هروبا وغروبا وأصيلا.. تستدنون الآخرة وأحداثها ووعودها ووعيدها .. هنيئا لكم حيث كنتم يقظين قبل يقظة الموت وليس في قلوبكم خيار ولا خيال ساري إن في أعماق قلوبكم لآلئ لا تُعرض إلا بسوق الجنة ..وفي عيونكم إشراقات ونور لا ينبثق إلا على الصراط يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم .. ومهما شضف عيشكم وخارت قواكم وشعرتم بالغربة فطوبى للغرباء .. وطوبى لكل مصلح إذا فسد الناس وطوبى لكم حين تبيعون كل شيء لتشتروا ما عند الله ..وطوبى لكم حين تحافظون على منابع الإيمان على هذه الأرض ليبقى شعاع من فضل أنتم أحق به وأهله ..فاثبتوا وحسبكم الله حين تذهبون بدينه ويذهب الناس بالشاء والبعير ستجدون من يستفز معالم تلك الزيتونة التي هي لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيئ ولو لم تمسسه نار وحسبكم حيث كنتم مع نوح وهو يصنع سفينتكم ويقول : إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون وهذا ومن ذرية نوح نبيكم صلى الله عليه وسلم حيث يقول عن إخوانه : النبي يأتي ومعه الرجل والرجلان ..والنبي يأتي ليس معه أحد . فما ألذ أن تلوذ بدينك صابرا مصابرا محتسبا لا يضرك من ضل إذا اهتديت . الدكتور : فهد بن إبراهيم الضالع [email protected]