يقول الله تبارك وتعالى {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍٍّ عَمِيقٍ } سورة الحج -أي ناد يا إبراهيم في الناس بالحج داعيا لهم إلى الحج إلى هذا البيت الذي أمرناك ببنائه فذكر أنه قال : يا رب كيف أبلغ الناس وصوتي لا ينفذهم فقال ناد وعلينا البلاغ فقام على مقامه وقيل على الحجر وقيل على الصفا وقيل على أبي قبيس وقال : يا أيها الناس إن ربكم قد اتخذ بيتا فحجوه فيقال إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض وأسمع من في الأرحام والأصلاب وأجابه كل شيء سمعه من حجر ومدر وشجر ومن كتب الله أنه يحج إلى يوم القيامة لبيك اللهم لبيك , هذا مضمون ما ورد عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وغير واحد من السلف والله أعلم – منقول بشيء من التصرف . نعم إنه مؤتمر الحج الأكبر والذي يحضره هذا العام قرابة المليوني حاجٍ , يمثلون 181 جنسية , لم يمر على تاريخ الأمم مؤتمر بهذا الحضور ولا بهذه الجنسيات المتعددة , لكنه نداء التوحيد الخالص والذي جمعهم وهم يلهجون بتلبية واحدة لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك , يكسوهم بياض الملبس ونقاء القلب وصفاءه . إن مثل هذا المؤتمر الذي يراقبه المسلمون أجمع ياترى هل ستخرج هذه الجموع العظيمة بشيء يلامس هموم الأمة وتقوية وحدتها ؟ مؤتمر الحج فرصة لنقاء القلوب وصفاءها , مؤتمر الحج فرصة للقادة لإعادة الكثير من أوراقهم المبعثرة تجاه تلك الشعوب التي ترضى بالقليل , مؤتمر الحج هو انطلاق لوحدة الصف الإسلامي والعربي بعيداً عن شعارات ورايات تثيرالطائفية والمذهبية التي تفرق ولا تجمع , مؤتمر الحج يرفع راية التوحيد الخالص نابذاً كل ماسواه مما يجلب العصبية والتشدد , بل هي الشريعة الإسلامية السمحة والدين الوسطي القويم والمنهج المحمدي المعتدل ليعلن صلى الله عليه وسلم أن في ديننا فسحة لا تشدد ولا تنطع . أيها القراء الأعزاء أن مؤتمراً نراقبه عبر شاشات القنوات الفضائية وأثير الإذاعات , في مشاهد تدعو للوقوف لحظات لنستشعر أننا ننتمي لدينٍ قويم قوي بتعاليمه وسماحته نفخر بانتمائنا له , إن المشاهد لتلك المشاعر والبقع الطاهرة لتدعونا لإعادة النظرفي سبب ضعفنا وهواننا على الناس , مع مانملكه من مقومات الريادة والقيادة والتمكين . اسمحوا لي ياكرام عندما أقول بأننا بحاجة ملحة للمصارحة التي تبني كيان أمتنا وعزتها وتعيد هيبتها بين الأمم . فريضة الحج من أعظم أركان هذا الدين القويم , لكن كيف تحج الأبدان و تلهج الألسن بالتلبية والتكبير , والصدور تحقد , ومحاكم تنظر في قضايا الكل يدعي أنه الصادق فيها , عقوق للوالدين وظلم للمرأة صلاة بلا خشوع , تجار لا ترحم , وزكوات لا تخرج , وأرحام مقطوعة , ومسؤولون غابت عنهم المسؤولية والثقة . وصور محزنة ويبقى أن المجتمع بخير ونعمة . أخيراً صلاح القلوب ونقاءها وسلامتها وسمو أخلاقها هو الذي سيعيد للأمة قوة وتمكينا وعزا . روح الأمل والتفاؤل والإيجابية والمبادرة هي وقود الأمة بغدٍ مشرقٍ وواعدٍ . تكاتف وانتماء وولاء الشعوب مع حكامها والطاعة بالمعروف مصدر قوة وأمن ورخاء . شعور المسؤول بعظم التكليف وأمانة المسؤولية ورقابته الذاتية دفع لمسيرة بلادنا ونهضتها . شباب الأمة هم وقودها ودرعها المتين بحاجة للرعاية والعناية لا أن يتركوا صيدا للأفكار الدخيلة والمنحرفة , فهم ثروة وليسوا مشكلة . قادتنا وواجبهم تجاه شعوبهم وحنوهم عليهم تبعد كل فكر دخيل ومنحرف يزعزع وحدتنا واستقرارنا. هذه التوصيات من أبرز ما نريد أن يخرج بها حجاجنا في مؤتمرهم المبارك , تقبل الله من الحجاج حجهم وأعادهم سالمين غانمين اللهم آمين .. كلمة في الخاطر : يغيب عن موسم حج هذا العام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود , لعارض صحي ألم به نسأل الله تعالى أن يمن عليه بالشفاء العاجل , ونقول هنيئاً لكم ياخادم الحرمين مابذلتم لضيوف الرحمن من تسهيلات عظيمة لم تمرعبرتأريخ هذه المشاعر , ألسننا وألسن الحجاج تلهح بالدعاء لكم أدام الله بقاءكم وعجل بشفائكم إنه سميع مجيب . بقلم / أحمد بن سليمان السعيد مشرف تربوي بتعليم القصيم - بنين –