!! بعد أن قرأت الأربعاء قبل أيام مقال الدكتور محمد الهرفي في صحيفة الأنباء الكويتية \" ليبراليو السعودية : لماذا كل هذه التناقضات ؟! \" والذي أشار فيه لازدواجية معاييرهم , وتعارض مواقفهم مع أقوالهم وما يدّعونه من منهج ليبرالي متحرر , وأورد بعض الشواهد للتدليل على تطرفهم وتعصبهم لآرائهم ومصادرتهم لحق الآخر في الرأي واستنجادهم بالسُلطة لقمع المخالف وتكميم الأفواه . حينها كتبت للدكتور الهرفي تعليقا على موضوعه : \" كاتبنا الكريم : إن تناقضات الليبراليين السعوديين لا حصر لها ! وحتى وإن كان لنا موقفا معارضا لليبرالية وشعورا بعدم الحاجة إليها لأن في الإسلام غنىً لنا عما سواه فهو دين الرحمة و المساواة والحرية . ولكن مع ذلك ليتهم حين زعموا الليبرالية و نادوا بالتعددية وحق التعبير وحرية الرأي , ليتهم صدقوا فأعملوها في واقعهم ! سؤالي البسيط : ما الذي اضطرك للكتابة للأنباء الكويتية ؟ , ما الذي ألجأني للكتابة للعرب القطرية ؟ إنها دكتاتورية وسطوة الرأي الواحد في الصحف السعودية!! \" . و أُكْمل هنا التساؤل : من المسؤول عن حرماننا حق الكتابة في صحفنا الرسمية السعودية ؟! من صادر الرأي المحافظ المعتدل , و مكّن للمشكّكين في الكتاب وصحيح السنة ؟! من سلّم الزوايا لكتاب الروايات المارقة عن الدين والخُلق , وأصحاب الرؤى المهاجمة للعلماء المستفزة لمشاعر الناس وقيمهم ؟! أليسوا هم ذاتهم أدعياء الليبرالية السعودية قراصنة الثقافة والإعلام !! . حتى حين فشلوا في محاصرة المختلفين معهم والإقصاء التام لفكرهم ففضاءات الإنترنت والقنوات ليست ملكا لهم نظّموا حملاتهم لتقويض ما تبقى من بناء الحرية فطالبوا بالتضييق على المواقع الإلكترونية ورفع مستوى المراقبة و المحاسبة عليها , واتهموا القنوات الدينية \"السنّية\" وقذفوها بالتشدد وإشعال الفتنة وشق الصف . لذا تباشروا ورحبوا بقرارات حجب المواقع وإغلاق القنوات التي أحيت في ملايين الأنفس نسائم التقوى والصلاح , و حملت هموم المسلمين وأعلت هممهم , و أخذت على عاتقها أمانة الذود عن حياض القرآن والسنّة , وكشف الزيغ والباطل وإسقاط الشبهات . فليت شعري أي ليبرالية يحملها أولئك المثقفين أو الإعلاميين الذين ينادون برفع سقف الحرية لهم , وهدمها سقفا و قواعدا على رأس غيرهم !! . ولا أعجب لما يجدونه في أنفسهم من الكراهية والحسد لفئة من الصالحين النافعين المخلصين فقد عجزوا عن منافستهم في الخير والعمل والعطاء ثم عجزوا عن منافستهم على المحبة والحظوة لدى الجماهير العريضة . ولكني أعجب لجرأتهم على التعدي على حريات الناس , وعدم احترام العقول , وحق الشعوب في أن تقرأ وتشاهد وتتابع وتقارن ثم تختار ما يُصلح دينها ودنياها . إن أسخف وأغبى ما يمكن أن تقع فيه الليبرالية السعودية أو غيرها من حركات العلمانية والليبرالية العربية الجائرة أن تظن أنها بتلك الخطوات تجتث جذور اليقظة أو الصحوة الإسلامية في الداخل السعودي , أو تطمس امتدادات النور التي بدأت تشرق صافية عالية في سماء عالمنا الإسلامي . أتابع تلك الحركة الشعبية الإلكترونية الهائلة لنشر و تبادل المقالات الممنوعة , و الروابط الجديدة للمواقع المغلقة , و البرامج الحديثة للتحايل على الحجب , و الترددات المختلفة للقنوات ثم وسائل تلقي البثّ عبر الانترنت , فتملأني الدهشة كيف أن إرادة الشعوب لا تُكسر ولا تُدحر . وكيف يستثير البطش والاستبداد في الأرواح معاني الصمود والثورة . ريم سعيد آل عاطف [email protected]