إن كانت قصة أحمد الصالح هي الحزينة فإن مئات الآلاف من القصص تشبهها أو أشد منها ضراوة. أحمد الصالح ذلك الشاب العصامي الذي حاول أن ينفض عن نفسه غبار الكسل والاتكالية ويبرز سواعده السمراء القوية ويقرر أن يغامر ويترك الجامعة ويتجه إلى الأعمال الحرة ويقوم بالمسئولية كاملة, إعاشة أسرته الفقيرة التي ليس لها مُعيل غيره. أسرة أحمد الصالح تتكون من والده الذي لا يعمل منذ خمسة عشر عاما لأسباب وظروف قاهرة مرت عليه أجبرته على كره العمل، ووالدته ، وإخوانه الثلاثة الصغار الكبير منهم في الثانوية العامة والأخر في الإعدادية والصغير في الصف السادس الابتدائي، وبنتين. لم يستطيعوا الحصول على معونة من الضمان الاجتماعي لأن والده صحيح معافى ، ولم يستطيع الحصول على معونة من الجمعيات الخيرية للأسباب نفسها ، والعائلة نوع من الناس الكرام الذين لا يمكن أن يمدوا أيديهم للتسول من الناس. جمع أحمد الصالح مبلغاً صغيراً من عمله كأجير استطاع أن يشتري سيارة قديمة ليس لأجل أن يتسكع بها وإنما لتنفيذ ما يجول بخاطره من مخططٍ رسمه لنفسه للصرف على الأسرة بشرف وبلا تسول وبالتالي شق طريقه كرجل أعمال . بدأ عمله أحمد الصالح في شراء بضاعته من الخضروات الطازجة ومن إنتاج البلد كالطماطم وأنواع الخضروات الأخرى وبيعها في أحد الشوارع الرئيسية. يخرج فجراً ويعود بعد الظهر وقد كسب مكسباً لا بأس به يكفي العائلة بلا تسول ولا يحزنون حاول ذات يوم أن يزيد مكاسبه ويبدأ بالادخار منه لجمع مهر الزواج. قرر أن يكتفي بشراء الطماطم فقط ولكن بكمية كبيرة . جلس ذات ليلة هو وإخوانه ووالدته لدراسة الفكرة ووجدوها ناجحة في كل المقاييس نهض باكراً في الساعة الرابعة والنصف للبدء في تنفيذ الخطوة الأولى خرج من البيت وكله عزم وتصميم وحرك ونيته القديم متجهاً مباشرة إلى سوق الجملة. فرحت والدته ودعت له بالنجاح والتوفيق. وماذا حصل بعد ذلك ؟؟؟؟. فوجئت والدته بعد ساعة أن الباب يطرق ، فتحت الباب وشاهدت الداخل وإذا هو ابنها أحمد . عاد أحمد كئيب حسير يتألم اتجه مباشرةً إلى غرفته التي ينام فيها مع إخوانه الثلاثة وأغلق الباب. حاولت والدته أن تفتح الباب وتستطلع الخبر ولكن بلا فائدة ترجته أن يفتح لها ولكن بلا فائدة أيضاً اعتقدت في البداية أن السيارة حصل لها شيئاً ما أو تعرض لحادث بسيط بادرته بالقول:- ((إذا سلم العود فالمال يعود يا ولدي ، بسيطة الحمد لله على السلامة ولكن عسى ما ضريت أحد؟)). بعد المحاولات العديدة من والدته فتح الباب!!! سرد لوالدته القصة الحزينة الذي مر بها ((إنه ذلك القرار المفجع الأليم الذي سمعه من مراقب البلدية بمنع بيع الخضروات إلا بمحلات خاصة ومرخصة)) قال أحمد الصالح لوالدة:-ذهب الأمل يا والدتي أدراج الرياح وأغلق الظلم تلك الماسورة التي تسقينا وتصرف علينا وتبخرت معه كل أحلامي وآمالي. كيف أملك مالاً لاستأجر دكاناً؟ ومن أين لي المال الذي أؤسس فيه المكان؟ ومن أين لي المال استخرج به فسح من الأمانة؟ وهكذا يا والدتي انقطع رزقنا ومهما اشتغلت في عمل آخر لا يمكن أن يغطي مصاريفنا. بهذه العبارات الحزينة انتهت القصة. قرار أصدره إنسان لايحس بمعاناة السعوديين البسطاء يجلس على كنب وثير وحساباته البنكية \" منزوسة \" من الملايين ويأكل ما لذ وطاب ويركب الموديلات الجديدة ، ويسكن في قصر يتلألأ من الخيوط الذهبية والفضية والأرجوانية..!! كتبه وهو يغط في نوم عميق فوق كنبة ومكتب من الطراز الأول...!! وما يعنيه أن ما فعله وكتبه قلمه هذا قتلت المئات من الفقراء والشرفاء الذين يأكلون الحلال والنزاهة. همه الوحيد أن يقول الناس:- أن الشوارع غاية في النظافة. وما علم أنه قتل طموح، وحطم كرماء وشارك في تدمير الشباب بلا وعي، وبلا دراسة ، وبلا بعُد نظر. دعوا الشباب يشتغلون!! لا تقفون في طريقهم. عطلوا بعض الأنظمة للضرورة . حدوا من سيطرة البنغالي والهندي. أفسحوا المجال لأبناء الوطن. مهدوا لهم الطريق دعوا الجائعين يأكلون. أوقفوا هيمنة هوامير التأشيرات الذين يحمسونكم ويشجعونكم على إصدار مثل تلك القوانين الإرهابية. دعوا أحمد الصالح ووالدته وإخوانه يأكلون. هذا وأختم جروحي بأمل من الصحيفة الرائدة (عاجل) أن تبقي الموضوع مدةً أطول وتضع رابطاً له. وتترك الأخوة القراء يتفاعلون معه، ويطرحون آرائهم. وأرجو كذلك من الأخوة أن يتركوا قصة أحمد الصالح ويتفاعلون مع فكرة الموضوع وفكرة الألاف من الشباب الذين يشبهون أحمد الصالح ويعيشون نفس ظروفه لأن القضية في الأساس قضية وطن وقضية أمة لا تخص أحمد الصالح وحده. وإنما تخص الوطن من يمنه إلى شامه ومن بحره إلى خليجه. الكل يعاني والكل يرجو والكل ينتظر. وخادم الحرمين حفظه الله لا بد أن يتخذ إجراء صارماً ونحن ننتظره ولا بد أن يفعل والنصر للوطن ولخادم الحرمين إن شاء الله. موسى النقيدان