عندما أسمع هذه الكلمة وأعني بها (الآخر ) تصيبني حالة من الوجوم وعدم التوازن، سببها تهافت الكثير من كُتَّاب الصحف والإعلاميين في كثير من بلاد العرب لمناداة أو تسمية مخالفينا بالآخر ((تأدبا ً وتلطفا ً )) معهم ، سواء كان هذا الآخر مؤدبا ً ولطيفا ً معنا في تعامله معنا أو سيئ أدب وجافاً بل ومبالغا ً في إساءته لنا ، وسواءً كان المخالف من بني جلدتنا أي ممن ينتسب لدينا(انتساباً ) وهو في الحقيقة يكيد للدين وأهله أشد الكيد ! أو ممن يخالفنا في الدين صراحة من جميع الأديان الأخرى السماوية وغير السماوية وهؤلاء أذاهم أقل إيلاما ً مِن أذى المنتسب للدين وهو له عدو! فالنصارى واليهود وغيرهم من أبناء الملل والعقائد الأخرى الباطلة نظرتهم لنا نحن لمسلمين ووصفهم لنا ولنبينا بأوصاف مهما ساءت ليست محل استغراب فهم عدو بيِّن وصريح ، وقولي إنهم عدو ليست من أم رأسي، بل سماهم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ووصف الله تعالى اليهود بالمغضوب عليهم والنصارى بالضالين أيضا ً ! إنما أن نرى العداوة والبغضاء لنا ولديننا ولرموز وأعلام ديننا من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل ونرى مَن يشتم ويلعن بعض أمهاتنا (أمهات المؤمنين) رضي الله عنهن ، من أناس ينتسبون للإسلام ويدَّعون أنهم هم المسلمين وغيرهم ((نحن)) كفارا ً وناصبيين و..و..و.. إلخ ! هذا هو محل الاستغراب وجالب الشيب للغراب !! بل وصل الأمر ببعضهم إلى شتم ولاة أمرنا في الآونة الأخيرة وهو محسوب من العلماء عند قومه ، وهذا لم يحرِّك شعرة عند ذوي الإحساس المرهَف والمنادين بالتلطف مع (الآخر) أيا ً كان ومهما فعل ومهما قال !! إن ماأهدف إليه بإيجاز : أنَّ عقيدة الولاء والبراء عندما غابت في هذا الزمان ، وحلَّ محلها دعوات لم ولن تجلب الخير لأمة الإسلام والتوحيد بل جلبت الذل والخنوع والخضوع ، ومن هذه الدعوات مايسمى بالتقريب بين الأديان وغيرها من الدعوات الباطلة التي تسعى وتنادي بالمؤاخاة بين مَن يعبد الله وحده ومَن يعبد بشرا ً أو حجراً بحجة أن الجميع مشتركون على الأقل في (( أخُوَّة الإنسانية )) ، والله عز وجل يقول الله تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام لقومه : (كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده ) وقال تعالى : ( إنما المؤمنون إخوة ) . يقول المثل العامي : اللي مو على دينك مايعينك ! فالمسألة محسومة ومنتهية، فهنا في الدنيا حق وباطل ، وإيمان وكفر ، ودين أو لادين . فللمؤمن المحبة حتى لو كان ظالما ً لنا ، وللكافر( أيا ً كان) البغضُ والعداء حتى لو كان بيننا وبينه منافع ومصالح .... وفي الآخرة جنة ونار ، وسعادة وشقاء . جعلنا الله وإياكم من السعداء في الدارين ، وحفظ الله لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وحفظ لنا ولاة الأمر وأعزهم بالإسلام وأعز الإسلام بهم ، وحفظ بلادنا بلاد الحرمين من كل سوء . وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. عبدالله بن إبراهيم بن حمد البريدي. [email protected]