\"صباح الخير يا (قونزالس)\"..نطق خوسيه هذه العبارة و قد ارتسمت ابتسامةٌ شقية على شفتيه وهو يهم بالخروج من غرفة نومه.. توجه نحو قفص فأره الهامستر قونزالس و أخذ يداعبه من خارج القفص، و راح الفأر يتقافز يمنةً و يسرةً في محاولات متملقة للحصول على اهتمام و رعاية صاحبه... التحدي قال خوسيه بصوت يملؤه الحماس: \"ما رأيك في قطعة جبن كبيرررررة\"..تناول خوسيه قطعة الجبن و وضعها على رأس العجلة – كانت قوانين اللعبة تقتضي بأن توضع الجبنة على درجةٍ من درجات سلم اتصل بعجلة تدور عندما يركض بداخلها الفأر؛ و كلما أدار الفأر العجلة أكثر، كلما هبط السلم درجة و اقتربت الجبنة أكثر. كان قونزالس يعلم تماما ما عليه فعله، فبادر بالركض بحزم و اصرار؛ أما خوسيه، فتوجه الى الحمام و اغتسل، ثم ارتدى بدلة أنيقة و انطلق بروح مفعمةٍ بالانتعاش و فياضةٍ بالأمل الى العمل. قُبَيلَ الاجتماع لم يخرج خوسيه لتناول الغداء، بل اكتفى بالتهام موزة كاملة بعضتين نهمتين، ثم انخرط يداعب أزرار لوحة مفاتيحه بسرعة و اهتمام. لم يكن الوقت يلعب في صالح خوسيه، فاليوم موعد مناقشة استحقاق الترقية، و هو يريد انجاز هذا التقرير و تسليمه للرئيس ليكون شفيعاً في ترقيته. اجتماع الظهيرة دخل خوسيه إلى مكتب رئيسه و بيده التقرير..قدّمه بزهوٍ للرئيس..بدء بشرح بعض الرسومات البيانية والنتائج... جاء جواب الرئيس بارداً كالثلج: \"اجلس الآن يا خوسيه، سنناقش التقرير فيما بعد؛ أريد أن أحدثك الآن بموضوع الترقية...في الحقيقة، أنا راض تماما عن انجازاتك خلال السنة الماضية، و هي بلا شك انجازات تفوق أداء الموظف العادي – وهنا مكمن خيبة الأمل! لأنني يا خويسه أعلم أنك لست موظفا عاديا،أنت فوق مستوى المقارنة مع بقية الموظفين؛ لذلك، لايمكنني أن أقيمك بنفس المعايرية التي أقيم بها بقية الموظفين... أنا لا أقيم حمامة، أنا أقيم صقراً... الوحيد الذي يمكنني أن أقارنه بك يا خوسيه هو نفسك... لذلك و بناء على انجازاتك هذه السنة، وبالرغم من أنها ممتازة، فأنت لا تستحق الترقية.\" أجاب خوسيه بلسان جف ريقه: \"و لكن أستاذي لقد...\"، قاطعه الرئيس: \"خوسيه، أنت تعلم أنك موظفي المميز؛ لذلك سأسدي لك معروفا، سؤأخر رفع تقرير الترقية ثلاثة أشهر، و لكن عليك أن تنجز في هذه الأشهر مشروع تصميم المنتجع السياحي، و مشروع رفع أداء المجمع التجاري.\" انفغر فاهُ خوسيه من الصدمة، و انسدلت يداه على جانبيه في تراخي، و تمتم بصوت مترنح: \"و لكن يا سيدي إنهاء هذين المشروعين في ثلاثة أشهر ضرب من المستحيل!!\" أجاب الرئيس متجهماً و متململاً: \"خوسيييييه أنا أعلم أنك بحجم المهمة، و لا مستحيل مع الاصرار و العزم... هيا هيا لا تضيع الوقت...الترقية بانتظارك.\" اركض..اركض.. واصل خوسيه كدح النهار بسهاد الليل حتى أنجز المطلوب...بلغت أرباح شركة الرئيس من المنتجع و المجمع أربعة ملايين و ثلاثمائة و أربع و سبعون ألف بيسو مكسيكي ...وبلغت مكافئة خوسيه 400 بيسو في الشهر (أي 4800 بيسو في السنة)... عاد خوسيه إلى البيت وهو يكاد يطير من الفرح لحصوله على الترقية، وقرر الاحتفال بهذه المناسبة بتناول وجبة عشاء في مطعم \"كاسا دي لوس كانتاروس\" الشهير. الأيام دول: يوم عليك و يوم عليك يا خوسيه! عام جديد..مشروعات جديدة..كبدٌ جديد..ترقية جديدة (أو قل إن شئت: قطعة جبن جديدة!)...استمر الوضع على ما هو عليه...بعد عدة سنوات، مات خوسيه نتيجة ارتفاع مفاجئ في ضغط الدم أدى الى انفجار أحد شرايين الدماغ ...مات مورثا 3026 بيسو في حسابه...بعد فترة طويلة، مات رئيس خوسيه ب\"انفلونزا القمل!!\" (كان معفن ما يتروش!!)..مات مورثا 83 مليون بيسو!! سباق الفئران سباق الفئران هذا أيها الساده له ثلاثة قواعد يتمحور حولها الاقتصاد الرأسمالي: قلة قليلة تملك المال، تلقي للكثرة الكثيرة بقطعة الجبن (حلم الوصول الى القمة و تكوين الثروة)... الكثرة الكثيرة تركض في عجلة الفأر منذ التخرج من الجامعة و حتى التخرج إلى القبر... القلة القليلة تزداد ثراء و رخاء و ... و... و الكثرة الكثيرة تموت مديونة... بالمناسبة بالمناسبة، نسيت أن أذكر أن اسمه ليس خوسيه، اسمه وليد و كان يعمل في شركة..(بلاش اسم الشركة) ..في الرياض!! سعد العواد