مع كل يوم يمرّ من رمضان يزداد الذين (ابتلوا) بمتابعة المسلسل المكسيكي الملل (طاش ما طاش) قناعة بتفاهته وسماجة أصحابه. فهذا المسلسل البائت (بل والمتعفن إلى حدّ القرف) بعد أن احترقت أوراقه الدرامية والتكنيكية منذ زمن بعيد ، لم يبقَ أمام أبطاله (وهم بالمناسبة أبطال من ورق رخيص جداً) حتى يلفتوا الأنظار إليهم إلا ركوب موجة استفزاز القيم التي تمثل هوية المجتمع . فهذا المسلسل لم يعد يناقش تطبيقات خاطئة لدى طيف معين من المجتمع ، ولا يطرح أخطاء قطاعات حكومية يقع منها الخطأ بلا شك ، وإنما تجاوز ذلك إلى المبادئ والقيم المجردة من تطبيقاتها. ففي حلقة ) ولاتجسسو) لم تكن الفكرة مناقشة وقوع بعض الداعيات في أخطاء معينة كتهويل جانب الوعظ أو التقنيط من الرحمة أو تصوير بعض العقوبات الأخروية في غير موضعها أو التشكيك في الأزواج ، وإنما كان يدور حول فكرة الخرافة! والعجيب أن يكون المثال على ذلك ما يفهمه المشاهد من التشكيك في وجود ( الشجاع الأقرع) الذي دار على ألسنة الممثلين والممثلات في الحلقة كثيراً على سبيل التندر والاستغراب ، مع أن (الشجاع الأقرع) -وهو الحية التي انحسر شعرها من شدة السم الذي فيها (راجع عون المعبود 11/179)- عقوبة أخروية لمن لم يؤد زكاة ماله ثابتة في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه !! ناهيك عما تضمنته الحلقة من السخرية والتندير والتشكيك غير الأخلاقي بالداعيات اللاتي لا يشك \"عاقل\" بأثرهن الإيجابي في المجتمع ، وهو بالمناسبة منهج هذا المسلسل كما في السخرية من الرقاة في حلقة (المقالب) ، وتجهيل المتدين في حلقة (التطوير)، والتشكيك في نزاهته في حلقة (التدخين) وغيرها كثير ، إضافة إلى الوتيرة المتصاعدة من المشاهد الصادمة للحياء التي أصبحت تمارس في المسلسل على المكشوف . وأنا لن أفصل في الإسفاف القيمي والأخلاقي في (طاش ما طاش) فوقت القارئ أثمن من ذلك بكثير ، لكني أردت بهذا التعليق الموجز أن يوقن (الثنائي المرح) عبدالله السدحان وناصر القصبي (هداهما الله) أن المشاهد ليس ساذجاً ولا سطحياً ، وأن شعر المسلسل بدأ يتساقط حتى صار جميع الممثلين فيه قرعان تماماً وسقطت عنهم ورقة التوت ، وليتأكدآ أنهما بهذا الاستخفاف والإسفاف يخسرون ما بقي لهم من مشاهدين ، هذا إن كان هناك مشاهد سواي يتابع تفاهاتهما . والله من وراء القصد د/ عبدالوهاب الصالحي [email protected]