بعد أن صدر تقرير لجنة تقصي الحقائق بتاريخ 15-9-2009 والمكون من 584 صفحة الخاص والمؤكد لجريمة الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة وورود كل الحقائق التي تؤكد إدانة القادة الإسرائيليين بارتكاب جريمة حرب، علماًً بأن مجريات الحرب والأهداف الموجهة إليها الضربات الجوية والمدفعية والصواريخ الموجهة ونوعية الذخائر وقدراتها التدميرية أكدت لنا من الأسبوع الأول للحرب أن الجيش الإسرائيلي ينفذ جريمة حرب، فالأهداف التي يقصدها مدنيون عُزل، ومعظم الضحايا أطفال ونساء وكبار السن. أما التدمير فكان موجهاً إلى كل ما هو منشأ على أرض غزة، وتجاوز التدمير الحدود كافة ووصل إلى المرافق الصحية، أما نوعية الذخائر المستخدمة فقد أكدها تقرير لجنة تقصي الحقائق ولا تحتاج إلى إيضاح أنواعها، فقد أكد التقرير أنها من النوع المُحرم دولياً، ودون فحص لموقع الانفجار يستطيع المشاهدون العسكريون أن يحددوا نوع الذخيرة من مشاهدة هالات الانفجار وأثرها التدميري الكبير. الآن على الساحة وأمام المحكمة الدولية لجرائم الحرب التقرير المعد من لجنة تقصي الحقائق، فهل يصدق المجتمع الدولي ولو مرة واحدة ويتحرك لإنصاف شعب عانى طويلاً لتفعيل هذا التقرير الآتي من داخل المجتمع الدولي، الذي أكد أن ما قامت به إسرائيل في قطاع غزة جريمة حرب، وبناء عليه تدعو مجرمي الحرب من القادة الإسرائيليين إلى المحكمة الدولية لجرائم الحرب لتتم محاكمتهم، ومع تقديري لما بذلته اللجنة وما توصلت إليه من حقائق مؤكدة تدين القادة الإسرائيليين إلا أنني لا أرى أن المجتمع الدولي الذي لم يُعنَ بحقوق الشعب الفلسطيني والظلم الذي حاق به كل هذه السنين سيقوم بدعوة مجرمي الحرب من القادة الإسرائيليين، ولو افترضنا أنهم دعوا من المحكمة فهل سيخضعون للمحاكمة، أشك في ذلك، فالعدالة تُطبق على كل الدول عدا إسرائيل، ويؤكد هذا الطغيان والظلم الذي يواجهه الشعب الفلسطيني، والعالم بأسره يعرف هذا ولم يتوجه لإنصافه. المهم الآن ماذا يقول الأمين العام للأمم المتحدة «بان كي مون» بعد أن أظهر التقرير الحقائق كافة التي تدين إسرائيل وتؤكد أنهم ارتكبوا في قطاع غزة جريمة حرب، والأكثر أهمية أن جريمة الحرب على قطاع غزة موثقة في أرشيف دول العالم المرئي والمقروء ومشاهدة الجميع تلك الأحداث على شاشات التلفزيونات في كل أنحاء العالم. ماذا يريد «طاش ما طاش»؟ مع إطلالة شهر رمضان المبارك من كل عام تتسابق القنوات الفضائية وتحشد جل إمكاناتها من أجل الاستحواذ على أكبر عدد من المشاهدين، ولقناة «أم بي سي» في الحقيقة جمهور عريض من مختلف الفئات العمرية، وللسنة الرابعة على ما أعتقد تقوم القناة بعرض المسلسل المحلي «طاش ما طاش» الذي يحظى بمتابعة المواطنين والمقيمين في بلادنا، ناهيك عن المتابعين من الدول العربية الأخرى، إذ يتميز بالكوميديا الناقدة لبعض السلبيات في المجتمع، لكن الأمر الذي لا يقبله المشاهد على الإطلاق هو محاولة المساس بالأمور الدينية والمفاهيم الشرعية، وهذا ما حصل - مع الأسف - في حلقة «ولا تجسسوا» التي تم عرضها أواخر رمضان، إذ تم ارتكاب بعض الأخطاء ربما بشكل متعمد. أحد المشاهد توضح داعية تقوم بدعوى النساء في المجتمع، ولكن تم إظهار هذه الداعية متبرجة، وتم التعمد في إظهار أحاديث الداعية بأنها أحاديث سطحية، حاثة النساء الحاضرات على التجسس على أزواجهن، علماً بأن التجسس محرم في ديننا الحنيف. والأدهى والأمر أن أحد فريق «طاش ما طاش» حاول الاستهزاء والسخرية بما عرف ب «الشجاع الأقرع» الذي أخبر الرسول «صلى الله عليه وسلم» أصحابه عنه في الحديث الشريف. الكثير يتساءل هل المقصود التشكيك في حديث الرسول «صلى الله عليه وسلم»، أم الطعن في بعض مفاهيم الإسلام وتشريعاته؟ هل يريدنا «طاش ما طاش» ألا نؤمن بأن مجتمعنا محافظ وننسلخ منه بشكل كلي؟ هل يريد أن نجري وراء بعض الأفكار والمعتقدات التي لن نحصل منها سوى التخلف والانحلال، لا سمح الله. أتمنى أن يركز فريق «طاش» على أحوال المجتمع ولا يقتربوا من الأمور الدينية. فايز بن عايد بن طريخم مجمع الملك سعود الطبي بالرياض