عندما سمعتُ خبرَ نجاةِ صاحبِ السموّ الملكي الأمير محمد بن نايف – وفقهُ الله – مساعد وزير الداخلية للشئونِ الأمنية من محاولةِ اِغتيالٍ آثمة ؛ تمثلتُ قولَ المتنبّي حينما قال : المجدُ عوفيَ إذ عوفيتَ والكرمُ .. وزالَ عنك َإلى أعدائك َالألمُ صحَّت بصحَّتك الغاراتُ وابتهجت .. بها المكارمُ وانهلّت بها الديمُ وما أخصُّك في برء بتهنئةٍ .. إذا سلمتَ فكلُّ الناسِِ قد سلِمُوا ولم أستغرِب مثلَ هذا الخبرِ المُفزع .. فإنّ تاريخَ هذهِ الفئةِ تاريخٌ دمويٌ مُفسِد ، ألم تنتهك حرمةَ البلدِ الحرامِ - الذي حرّمهُ اللهُ - في سنواتٍ مضت ؟! ، بل فعلت ما هوَ أشدُّ من ذلكَ وهوَ اِستباحةُ دماءِ المسلمينَ وحرُماتهم .. صدقّ ربّي – جلّ ربّي - : \" وإذا قيلَ لهم لا تُفسِدوا في الأرضِ قالوا إنما نحنُ مُصلِحون ، ألا إنّهم همُ المُفسدونَ ولكن لا يشعرون \" .. إنّ منهجَ طائفةَ الخوارجِ منهجٌ إجراميٌ خبيث ، يُفرِّقُ ولا يجمع ، ويهدمُ ولا يبني ، ويُفسِدُ ولا يُصلِح .. لقد أبانت هذهِ الحادثةُ - وما قبلها من أعمالٍ تُرفضُ ولا تُقرّ - ، أنّ المستهدفَ هوَ دينُ هذهِ البلادِ وأمنها ووُلاةِ أمرها .. وأنّ الضربَ بيدٍ من حديد ؛ هوَ الحلُّ الأولى والأجدر معَ مثلِ هذهِ الفئة .. إنّ الإسلامَ بهديهِ ودستورِهِ لَبريءٌ كلّ البراءةِ من هذهِ الأعمالِ الدنيئةِ .. وإنّ حُرمة سفكِ الدمِ المُسلِمِ شديدةٌ مغلّظةٌ في كتابِ اللهِ وسنةِ رسولهِ عليهِ الصلاةُ والسلام .. \" ومن يقتُل مؤمناً متعمِّداً فجزاؤهُ جهنّمُ خالداً فيها وغضِبَ اللهُ عليهِ ولَعنه وأعدّ لهُ عذاباً عظيماً \" ، \" أكبرُ الكبائرِ بعد الشركِ بالله قتل النفس التي حرم الله \" .. فيا لله .. أينَ يذهبُ أتباعُ هذا المنهجِ الخبيثِ بهذهِ النصوص .. إنّ امتثالِ دينِ الإسلام ليسَ في عمليةِ تفجيرٍ ولا محاولةِ اِغتيال .. ولا بقتلِ الرموزِ وإحداثِ الفوضى والبلبلة .. إنما هوَ تمسُّكٌ بالنصوص .. والتزامٌ بمنهجِ الرعيلِ الأول . ولقد بيّنَ العلماءُ وطلبةُ العلمِ في هذهِ البلاد خطورةَ هذا المنهجِ وضلاله ، وأوضحوا فسادهُ وعواقِبهُ ومآلاته ، وقاموا بجهودٍ مباركة إلى جانبِ ولاةِ الأمر لاِجتثاثِ نبتةُ السوءِ هذه .. والواجبُ والمؤمّلُ من الجميع : الوقوفُ في وجهِ هذهِ الفئةِ وفضحِها .. ولْنتأمّل جميعاً قولَ عمرَ بنِ عبد العزيز - رحمهُ الله - : \" لئن ألقى الله بكل ذنبٍ دونَ الشرك ، أهونُ عليّ من ألقى الله ولو بمحجمة دم \" . إنّ صاحبَ السموّ الملكيّ الأميرَ محمدِ بن نايف قد عُرِفَ بطيبِ السريرة ، وحُسنِ السيرة ، ومساعدةِ المحتاجين ، والوقوفِ معَ ذوي الفضلِ والمروءة .. وإنّ تاريخَ هذا الرجل مليءٌ بسجلاّتِ العفوِ والتسامُحِ حتى معَ بعضِ أفرادِ هذهِ الفئة ، ولا أدلّ على طيبِ نيتهِ من أمرهِ بعدمِ تفتيش هذا الغادرِ الداخلِ إلى بيته .. لقد عُرِفَ عن سموِ الأمير : محاربةُ الرذيلةِ ودعمِ الفضيلة .. واحتضانُ لواءِ الأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عنِ المُنكر .. نحسبهُ كذلكَ واللهُ حسيبُه ، ولا نزكِّي على اللهِ أحداً من خلقه . فإذا كانَ هذا حالُ سموِّ الأمير .. فكيفَ تكونُ المصلحةُ في اِغتيالهِ والقضاءِ عليه ؟! .. نعوذُ بالله من سوءِ التدبير وفسادِ الضمير .. ختاماً .. قرأتُ كلاماً جميلاً للأخ الكريم \" مفلح عشق المنفوري \" يقولُ فيه : إن إرهاب العنف يغذيه إرهابٌ ناعمٌ ، مع اختلافهما في الفكر والوسيلة ، إلا أن كلاً منهما يتذرعُ بالآخر لتحقيق مصالحهِ وأهدافهِ الخاصة على حسابِ وحدة الوطن وثباتِ حكومتهِ وشعبه .. فيجبُ أن نقف صفاً واحداً ضد الفئتين .. وأخيراً أقول : الحمدُ للهِ الذي أنجى سموّ الأمير ، وردّ كيدَ هذا ومن وراءهُ في نحورهم ، ولا يحيقُ المكرُ السيِّئُ إلا بالماكرينَ ، والعاقبةُ للمتقينَ ، ولا عدوانَ إلا على الظالمين .. عبد الرحمن بن محمد السيد - تبوك