أتابع كثيراً مقالات الزملاء وبعض الأخبار والمتابعات في صحيفة عاجل ، وأحرص كثيراً على قراءة الردود والمداخلات من القراء على المقالات والأخبار والمتابعات وأجد فيها متعة كبيرة ، متعة الباحث والراصد المولع برصد الآراء وردود الأفعال التي تدل على ما يمور به المجتمع من تحولات.. وبرغم أن بعض المداخلات يغلب عليها العاطفة وهو أمر طبيعي لكون المتداخلين من شرائح متنوعة ويغلب عليهم تغليب جانب معين وهو المصلحة الذاتية أو الشأن الأكثر التصاقا بهم دون مراعاة للأبعاد الأخرى إلا أن هناك طروحات متميزة تضيف كثيرا للمادة الأساسية. ما لفت انتباهي وأرجو أن لا أكون مخطئا هو إرهاصات التحول في لغة الرد حيث صارت تتجه نحو الرقي والتهذيب ، إلا إذا كانت عاجل بدأت تتدخل كثيرا وتعدل وتشذب وتمنع .وحيث أنني متفائل بطبعي سأفترض الجانب الحسن وأحيل ذلك إلى تطور لغة الحوار في المجتمع. الدليل أن أحد الزملاء الكتاب الأعزاء في هذه الصحيفة كلما تقدم بالكتابة أوغل أكثر في كتابات مصادمة للقارئ تمس جوانب عميقة في تكوينه، ومع ذلك فالردود المرصودة أصبحت أقل حدة، وأقرب للموضوعية، وأبعد عن السب والشتم ، وكلما زادت حرارة المقالات لدى الكاتب، قلت حدة التشنج لدى القارئ.. بطبيعة الحال ليس مطلوبا منا أن نكون نسخا كربونية مكررة وأن لا نعبر عن التنوع والاختلاف ، إذ طبيعة البشر التنوع . ولكن جميل أن يكون بيننا حد أدنى من القبول بالمختلف عنا والاختلاف معه ولا أقول الخلاف بإسلوب حضاري حث عليه ديننا . لا أقول أننا وصلنا مرحلة متقدمة جدا في لغة الحوار، ولكن ما أردت قوله أن هناك تقدما حتى لو كان طفيفا في لغة الحوار مع الآخر المختلف معنا، وأننا نتجه إلى الإحساس بالمسئولية الوجه الآخر للحرية الممنوحة التي فاجأتنا يوما ما فكانت الصدمة ، والارتباك في التعامل معها، ومع مرور الزمن بدأنا نتعود على الأجواء الجديدة لنبدأ في التعامل الحضاري معها. بنيت ذلك كله على فرضية أن عاجل لا تتدخل كثيرا في الردود، وأنها على نهجها الأول ، وأرجو أن لا تخذلني فيكون تدخلها هو المسئول عن رقي المداخلات ويكون مقالي هذا مجرد هراء مبنيا في الهواء وبلا معنى .. عبدالله العرفج