بسم الله الرحمن الرحيم أخي رئيس تحرير صحيفة \"عاجل\" الأستاذ المتألق دائماً/ سلطان المهوس ، تحية لك ولهذه الصحيفة التي أتاحت لنا هامشاً جميلاً من القول ، وأرجو نشر هذا التعقيب على مقال الأستاذ/ فهد بن شقيران: \"حلقة الرياض الفلسفية\" ، المنشورة على هذا الرابط : http://www.burnews.com/articles-action-show-id-2542.htm ( فلاسفة مع وقف التفلسف !! مطارحة مع فهد الشقيران) تعليقاً على مقالة أخي فهد الشقيران المنشورة في هذا الموقع ( حلقة الرياض الفلسفية...) أقول : في اعتقادي أنه بقدر ما يعبر مقال أخي فهد الشقيران عن صدقه في تطوير نفسه ، وهو -بلا شك- حق مشروع له، خاصة بعد سنواته العجاف ، بقدر ما يعكس جملة من الأزمات الحادة التي لازال يعيشها هو وبعض مجايليه ، لعلي أجمل أهمها فيما يلي: 1- أزمة (الشتات الذهني والروحي). إنه من غير الخافي ما بات يصرح بمعاناته جيل من \"الشباب الجدد\" من الشتات الذهني والروحي عندما لم يستطيعوا الصمود أمام تحدي تداعيات بعض الوقائع المؤثرة التي مرت بهم كأحداث 11/9/2001م ، والمراجعات الفكرية والفقهية والحضارية لبعض رموز قادة التأثير ، والانفتاح الثقافي على الآخر ، فأعلنوا اعتزالهم كل ما يمت إلى (ما قبل) وانتمائهم إلى كل ما ينتسب إلى (ما بعد) ، أي أنهم لم يستطيعوا التمييز بين ما يمكن الثابت عليه والمتحول إليه ، فكان أدونيس أكثر منهم وعياً نظرياً على أقل تقدير ! ومقال أخي فهد يعكس هذا المعنى بوضوح حينما راح يتحدث -بنشوة- عن لذة المرحلة التي يعيشها ، حيث \"التطهّر من دنس التقليد\"، و\"أوجاعه\" ! كأنما انتقل -بما يعتقد أنها فلسفة- إلى آفاق التحرر والتجديد !! 2- أزمة (تحقيق الوجود). من المشتركات الواضحة بين ( الشباب الجدد ) الإرادة المشبوبة للتميز عن الآخرين ، بأي طريقة كانت !! وفي مرحلة التصحوي التي كان عليها فهدٌ وأقرانه ، كانوا متميزين عن أقرانهم بحبّ المخالفة ، ولذا يجمع غالبهم أنهم ينتقلون من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار كما يظهر في نماذج كثيرة من أصدقاء فهد تحديداً ، والمهم أن هذا الجيل وجد نفسه مستفيقاً من مرحلة روحية لم يحقق فيها وجوده، ولم يُشبع فيها نهمته في حبّ الظهور و(الترزز) ، فاختاروا أن يكون ذلك \"وهم\" الاشتغال بنشاط ثقافي غريب عن ثقافة المجتمع ، معتقدين أنه لا يوجد أحد يحسن ما يتوهمون أنه فلسفة! 3- أزمة (الجهل المركب). من أنكى أزمات \"الشباب الجدد\" أنهم وثوقيون إلى درجة خطيرة ، مع أنهم أبعد الخلق عن امتلاك أبجدياته ، فأنت تراهم إذا كتبوا اجتهدوا، وإذا تحدثوا جزموا ، وإذا سئلوا قطعوا ، وإذا نوقشوا (زعلوا) ، مع أن من أبسط أبجديات \"الفلسفة\" (التي أشغلنا فيها فهد) أن الحقائق نسبية ؛ لأن \"القطعيات تلغي الفاعلية\" كما يقول \"هوبز\" ! (وأرجو من أخي فهد أن يحفظ هذا القول ليقوله ليردده في حلقة الفلسفة !!). وهنا فرصة مناسبة أن أتحدث عما أشغلنا فيه فهد وهو يعتقد أنه يحسن الاشتغال بها وهي الفلسفة !! إن أخي فهداً قد ظل سنة وزيادة يظن أنه يشتغل هو عبدالله المطيري وشايع الوقيان وبقية (إخوياهم) في الفلسفة ، والحقيقة أنهم ليسوا من الفلسفة في شيء وليست الفلسفة منهم في شيء! فهؤلاء الأعزاء \"الحالمين\" في الحقيقة يقرأون (بعض) المترجمات عن (بعض) واقع الفلاسفة ومناهجهم ، وهو -غالباً- واقع لا يقود إلى معرفة يقينية ؛ نظراً للخلل الكبير الذي شابه في مناهج بلوغ الحقيقة وفي غايات معرفتها حتى وصل إلى التناقض كما بين مناهج المادية والتجريبية، وتناقض الغايات بين المنطقية والمثالية ، وهو خلل لا يضاهيه إلا خلل محاولة إدخال سؤال الفلسفة في كل شيء! إذن فات أخي فهد أن ينبّه أصحابه أن يختاروا منهجاً للتفلسف لأنهم لا يمكن أن (يتفلسفوا) بكل منهج ، وأنا أخشى أن يكون قول ابن شقيران: (إن الفلسفة فعل تطهير للأفكار من دنس التقليد) مظهراً لاختيار \"غنوصي\" لمنهج ما ؛ وأما إن زعموا أنهم يقرأون مناهج التفلسف على اختلافها فهو زعم تبرأ منه عبدالرحمن بدوي قبل وفاته ببضع سنين. لكن أعزاءنا (الفلاسفة الجدد!) غائبون عن الوعي بفرادة الفلسفة الحقيقية التي تعني التفكير المنظّم وفق منهج منظّم يقوم على إدراك حقيقة أن المعرفة محايدة وأنها خاضعة للقدرات وحدودها كما يقول \"برجسون\" ! وهذا له مجال آخر أتمنى أن أعود إليه. بقي أن أهمس في أذن أخي فهد بأن يشتغل بالمفيد الذي يميزه بحق ، والمهم النيّة ، فمثلاً (حلق الشنب) إن كان للتميز كان فلسفة فاسدة ، وأما إن كان للتمثّل كان عزيمة وأجراً. د / عبد الوهاب بن عبد الله الصالحي. أستاذ جامعي