بسم الله الرحمن الرحيم\" (مطوع .. مابعد الصحوة!!) أسرع أخوه الصغير ؛ ليغلق جهاز التلفاز ويخلد إلى فراشه متظاهرا بالنوم,وأذناه تنصتان بوجل إلى وقع أقدامه؛ لأنه إن عرف أن أخاه قد تسمرت عيناه لمشاهدة الملاكمة في ليلة جمعة جميلة فسيخرجهما- أي عيناه- عن مكانهما !! . كان يتظاهر بالغباء وبأنه لايعرف الأندية الكروية , ولا يعرف أبجديات اللعبة , فهو يتساءل أحيانا ببلاهة معهودة: متى سيلعب المنتخب مع الهلال؟!. بسيارته (الكرسيدا glx) وليست (xl) لاحظوا !! كان يدور في أزقة الحي بحثا عن طلابه في حلقة التحفيظ ؛ ليطمئن على أنهم لم يقفوا عند بوابة بقالة الحي , حتى وإن كانوا قد ذهبوا لشراء حاجيات ضرورية لمنزلهم! في تلك الأثناء وجد تلميذه \" أبا قتيبة\" وقد تأبط جريدته المفضلة , والتي يشتريها خلسة عن عيني أستاذه \" أبي القعقاع\" .. أوقف سيارته ,ولها صراخ كصراخ امرأة ثكلت ابنها, وقد احمر وجهه وارتعدت أطرافه وصاح في وجه تلميذه: أعطني الجريدة بسرعة , أخذها وطرحها أرضا , أمام مرأى الصبية في الشارع , ووعده بالثبور إن عاد لشراء مايفسد عقله ! أختُه الصغيرة سمعها تردد: صاحبي وش فيك ساكت وش علامك :: وش سبايب فعلتك وش هي القضية إن فعلت الخير يرفع لك مقامك :: وإن فعلت الشر يكتب لك خطيه. سألها : أنى لك هذا؟ أخبرته أنها سمعته من شريط (أشجان) للمنشد محمد المساعد.. طلب منها أن تكسر الشريط أمام ناظريه , فالشريط محرم لما فيه من ألحان صوفية !! لم تستغرب طلبه لها ؛ فقد رفض لها طلبا سابقا بشراء شريط الفيديو (نقابة اللصوص) لأن فيه صورا للرجال , وكيف لها أن تنظر فيهم !!. بعد فترة من الزمن , وتحديدا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر, وبعد نحر تيار الصحوة من الوريد إلى الوريد ؛بفعل فاعل .. تمظهر أبي القعقاع بتمظهرات أخرى ، بعد أن ترك حلقة التحفيظ متعذرا بانشغالاته التي لاتنقضي! أصبح مشتركا بجريدة: \" إن الحياة عقيدة وجهاد\" رغم صور هيفاء وأخواتها التي ترفع الرجال , وتنصب على النساء ! لم يأل جهدا بعد فترة أن يدخل الطبق الفضائي إلى بيته متذرعا بمتابعة أخبار الساعة الحادية عشرة مساء على قناة (الراشدية) , وقد فغر فاه عند \" سهير القيسي\" , و \" يارا حبيب\" !! بعد أن كان في تلك الفترة يلعن ساس ويسوس !!. أخوه الصغير , هو من أسعد الناس فرحا بهذا التحول فقد أضحى يشاهد معه برنامج: \"أوبرا \".. الشهير , بل أضحى متابعا ل(ريتشار ريه) !! وقد طلب من أخيه على استحياء أن يحمل له من \" الانتر نت\" : (دكان شحاته) ! لأنه – ربما يريد نصيحة هيفاء وهبي , فقد كان غناؤها أحسن بكثير من تمثيلها ! الديمقراطية , وربما الانفلات الداخلي عنده انتقل إلى ميدان أخته, فبعد أن كانت وجلة من شريط أشجان , أضحت مرددة مع \" موضي \": أجيك ! يسلم راسك وشلون أباجيك :: تسوى عيوني.. لا ! وبعد يمكن أغلى !! كيف لا وقد سمعته ذات مرة يصدح منتشيا بقوله: كل شي حولي يذكرني بشي :: حتى صوتي وضحكتي لك فيها شيء لو تغيب الدنيا عمرك ماتغيب :: شوف حالي آه من تطري علي ! ولم ينس نصيبه من المسلسلات الخليجية !! فهي أخف وطأة وأقوم قيلا من \" نور \" و\" سنوات الضياع\" التي ضاع بسببهما أقوام جراء \" مهند \" و \" لميس\" !. لم يكن يخفي دموعه التي هطلت بغزارة متناهية , وهو يشاهد الحلقة الأخيرة من مسلسل \" الفرية\" إذ إن (حياة الفهد/رقية العنة!) تدخل الحفل الذي تزيا فيه زوجها باقترانه من أخرى جميلة , وصغيرة السن .. فتصافحه مهنئة ودموعها تهطل !! وترقص جذلى ابتهاجا لاحتفالية زوجها الذي اسودت الدنيا في وجهه في تلك االساعة! ...كان والده يتحرج أن يلعب (البلوت) مع من يجايلونه بالسن إذا أحس بابنه(أبا القعقاع) يقترب من مجلسهم , لكنه الآن -(أبو القعقاع) -يمارس لعبة والده بانتشاء شديد في موقع \" كملنا\" في النت !!. أبو القعقاع لم يتغير ظاهريا , فما زال بثوبه القصير,ولحيته الكثة , وغترته المنسدلة من غير عقال .. إنه تغير في الباطن ! فياترى : ماالذي تغير؟ وما الثابت والمتحول في هذه الحكاية! هل الثابت هو الظاهر , الذي رُبينا على الاهتمام به , رغم أمراض الباطن ؟ أم إن التيار الذي عايشناه , قرأ واقعه ولم ينتبه لمستقبله؟ أم إنها الآية الكريمة: (إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم). التغير هنا ليس تغيرا منصبا على فرد , بل إنه تغير طال الصغير والكبير , المثقف والتابع. نحن في فترة (مخاض) بين مرحلتين , يتوجب علينا أن نستفيد مما مضى ونقرأ سلبيات وإيجابيات ماقد سلف , المرحلة القادمة ينبغي أن تكون مرحلة إشاعة ثقافة التقوى , فطرق الخير والشر قد أشرعت أبوابها , و(المناعة ) هي المصل الذي سيقطع الداء ويجلب الدواء !!. دمتم برعاية الله. سليمان بن فهد المطلق.