أوصى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية حجاج بيت الله الحرام باستغلال موسم الحج في الازدياد من الطاعات والإكثار من القربات والبعد عن المعاصي والمنكرات وأن يحرصوا على أن يكون حجهم سالماً من المخالفات الشرعية حتى يكونوا ممن كتب الله لهم حجاً مبروراً. جاء ذلك في كلمة وجهها سماحته إلى إخوانه المسلمين بمناسبة حج هذا العام واستهلها سماحته بقول الحق تبارك وتعالى // وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى // ؛ فبيت الله الحرام جعل الله له في قلوب المؤمنين مهابة ومحبة ، بل جعله مثابة للناس ، يقول ابن عباس رضي الله عنهما// لا يقضون منه وطراً ، يأتونه ، ثم يرجعون إلى أهليهم ، ثم يعودون إليه // وقال عبدة بن أبي لبابة // لا ينصرف عنه منصرف وهو يرى أنه قد قضى منه وطراً // وقال ابن زيد // يثوبون إليه من البلدان كلها ويأتونه // وهذه المعاني متقاربة ، والله عز وجل جعل البيت الحرام بهذه المنزلة استجابة لدعوة خليله إبراهيم عليه السلام حيث قال // فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم // لما ترك ابنه إسماعيل مع أمه في موضع البيت الحرام. وأعقب الله هذه الصفة العظيمة ، والتشريف البالغ لبيته الحرام ، بصفة أخرى ، فيها تشريف للبيت ، وفيها تكريم لمن عظم هذا البيت ألا وهي الأمن. وأضاف سماحته يقول تلكم النعمة التي امتن الله بها على عباده في مواضع من كتابه ، قال تعالى في معرض الامتنان على قريش ، وتذكيرهم بنعم الله عليهم ، وأنه يجب أن يقابلوها بالشكر لها ، المقتضي لتوحيد الله عز وجل قال سبحانه وتعالى // لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف //. وقال تعالى ممتنا على أهل الحرم // وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون// بل إن الله عز وجل قد أقسم بهذا البلد الحرام بوصفه أمينا ، قال تعالى // والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين // والأمين بمعنى الآمن . ومكة شرفها الله بلد آمن ، يأمن فيها الناس في الجاهلية والإسلام. والأمن من أعظم وأهم خصائص البلد الحرام. وقد استجاب الله دعوة إبراهيم الخليل لهذا البلد فبدأ دعاءه له بالأمن لأهميته ، وقد استجاب الله عز وجل دعاءه ، فآمن البيت وجعل له حرما ، بل حرم فيه الصيد وقطع الأشجار فهذا البلد يأمن فيه كل شيء ، الإنسان ، والحيوان والنبات. وهذا من خصائص الحرم ، يقول النبي يوم الغد من فتح مكة // إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس ، لا يحل لامرئ ، يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ، ولا يعضد بها شجرا ، فإن أحد ترخص لقتال رسول الله فيه صلى الله عليه وسلم فقولوا له إن الله أذن لرسوله ، ولم يأذن لكم. وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار ، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ، وليبلغ الشاهد الغائب // أخرجه البخاري ومسلم. // يتبع // 2003 ت م