بادرة نبيلة من أحد زملاء العمل في مدرستي ~ لم لا يكون هناك زيارة خاصة لدار الوفاء للمسنين ببريدة ؟ رحبت بالفكرة ~ تم التنسيق للزيارة ~ اتجهت مع زميلي بصحبة 12 طالبا لدار المسنين ~ كانت هذه الزيارة لأول مرة لي ! همست للطلاب بأنه ينبغي منا زرع البسمة والبهجة في نفس المسن ، فهو لم يأت لهذه الدار إلا لأنه فقد الأنيس والإبن والقريب ! استقبلنا مدير الدار ~ ابتهج كثيرا ~ وقال لنا : هذا عربون لزيارات قادمة ~ نحن بحاجتكم وبحاجة دعمكم لنا بالزيارة ~ نشكو من ضعف تواصل المجتمع المحيط مع هذه الفئة الغالية ~ حينها همس لي أحد الطلاب .. أبو سعيد يا ليت أن معنا هدايا ! أشعرني بالندم والحسرة !! بالفعل لم النسيان من الهدية التي تزرع البهجة في النفوس لمثل هؤلاء ؟ وجهنا مدير الدار بأهمية بر الوالدين وأن فعل ذلك أو تركه سيكون دين يتقاضاه الإبن في آخر حياته ! أخبرنا بأن هذه الدار لا تستقبل إلا من ليس له ذرية ، ثم فاجأنا بأنهم يعانون من بعض الأبناء الذين يأتون بآبائهم للدار !!!!!! أبهجني حقيقة فكرة الدار ، وتوفر أطباء وصيدلية خاصة ، وغرفة للعلاج الطبيعي ، وغرف نوم وبعض الخدمات الجيدة التي تعتني بالمسنين ~ وآلمني بأن الخدمات التي ذكرت آنفا ليست بالمستوى المنشود الذي كنت أتوقعه لمثل هذه الفئة الغالية في بلد الخير والنماء !!! أخبرنا مدير الدار بأن جميع الموجودين في الدار يعانون من أمراض نفسية ! لماذا؟ ( أتركك لتتخيل أسباب ذلك ) اتجه بنا إلى غرف المسنين لزيارتهم والسلام عليهم ~ وكنت عازما على أن أطبق ما قلته لرفقائي من ابتسامة وكلمة طيبة للمسن ~ إلا أن الموقف لم يسعفني ~ دمعتي سبقت بسمتي ! قابلنا ذلك الرجل الذي عمره في الستين وقبَّلنا وسلم علينا وقال ( حيا الله عمي وخالتي ) ~~ دمعتي سبقت بسمتي ! حينما علمت بأن بعض المسنين لا يقبل استخدام الدواء ، فيضطر الطبيب أن يحقن الدواء في حليب السعودية من الطرف الأعلى~ دمعتي سبقت بسمتي ! حينما رأيت ذلك الشيبة الكبير الذي قرأت في عينيه أنه يتخيل بأننا أبناءه نسلم عليه ونقبله ~ دمعتي سبقت بسمتي ! عندما دخلت إلى غرفة كبيرة استوعبت عبرات وآلام وأحزان المسنين التي أجبرهم عليها الزمان ~ دمعتي سبقت بسمتي ! بعدما سمعت بأن مسنا توفي بعد أسبوع من لحظة إيداعه من ابنه في الدار ~ دمعتي سبقت بسمتي ! لأننا خشيت أن يحكم علي القدر بأن أكون واحدا من نزلاء هذه الدار ~ دمعتي سبقت بسمتي ! لأنني اكتشفت أنني قاسيا على هذه الفئة في الزيارة والتواصل ~ ~كان الله في عونهم ~ عبد الله آل يعن الله