الجميع يتسكع في المعرض وينسى أن صاحب الفضل فيه وزارة التعليم العالي التي استطاعت أن تصل إلى مرتبة \" فارس \" في شيئين .. الأول : طوفان الابتعاث الذي لم يتوقف في مشروع الملك عبدالله ، والثاني : قرار سنوية المعرض الدولي للكتاب . ومع هذا فلا شك أن الفرسان كثر في هذه التظاهرة .. منهم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وروائيون جدد ، وشخصيات عامة تتطاول بأعناقها ، وأوباش من هواة الضجيج يضايقون أكثر مما ينفعون . لكن الوزارة – هذه السنة – فاجأتنا بمبنى عالمي يداعب فخرنا بالإقبال عليه بشكله الهندسي الرائع ومواقف السيارات السفلية والأخرى المترامية . كذلك – من داخل المعرض – سعة الممرات ، وتواجد البوفيهات وتنوعها ، ونظافة دورات المياه ، وهيكلة دور النشر وتسمية الدروب فيما بينها .. إلى غير ذلك من التحسن المستمر وتلافي عيوب الأعوام الماضية . إن المواطن السعودي ، قارئا وغير قارئ ، مستعد لاقتناص أي مناسبة كتلك نتيجة الموات الكرنفالي في البلد ، بل مستعد أن يدفع بلا حساب لعيش حياة مواكبة للعنفوان الدائر من حوله وفي كل أنحاء العالم . وهكذا صارت تلك التظاهرات قريبة كمعرض الكتاب الذي أسقط عنا الرقيب الجاثم في الحدود البرية والمطارات الدولية.. لكن هذه السنة لاحظ الجميع تكشف دور النشر عن أنياب وأظافر على غير العادة برفع الأسعار بطريقة استفزازية وقحة ، وابتزاز غير مبرر ، وانتهازية قاسية لاتقبل المفاصلة ، وسلوك غير مؤدب يتضمن معاني موحية بأنكم أغنياء مرفهون لاتضيركم الأسعار كما هي بورصات العالم التي لم تنكأكم كما فعلت بالعالم من حولكم . هنا لم تكن الذئاب ذئابا لو لم تكن الخراف خرافا ، والعتب يقع على الجميع .. المشتري ، والمسؤول ، والهيئة ، وإدارة المعرض ، والإعلامي .. وغيرهم .. لكن الإعلاميون هواة الشهرة مشغولون باستقبال المعجبين يمشون كالطواويس يراقبون الغلابة وانعكاس وقع العين بالعين .. وهذا أستاذهم \" السمين السابق \" .. لكني رأيته \" سمين لاحق \" كذلك طويلا دقيق العظم أصلا تلفه الترهلات المكدسة بزي سماوي وسديرية مطابقة فخلته آت للتو من أفغانستان .. هؤلاء الإعلاميون لو أصلوا دور النشر نارا بدلا من المجاملات وبريستيج المقابلات الثقافية الفارغة في الإخبارية ونافحوا عن المشتري البائس لكانت درسا يلقن القاصي قبل الداني من دور النشر . أما الهيئة التي تفتش لتقلب أغلفة الكتب إلى الخلف وتهندم عباءتها بين الفينة والفينة .. فلو راقبت السلوك الكريه من دور النشر الشامية والمصرية خاصة لقاموا بعمل يمحدهم عليه مخالفوهم قبل غيرهم بدلا من التلصص على العناوين وصور الأغلفة والصراخ في وجوه الضيوف وإرهاب البائعين كمتهم حتى تثبت براءته ! إن دور النشر مصاصة الدماء ستستمر في التغول والجشع الكريه مالم توقف عند حدها واستفزازها المقيت ، وإذا لم يقف في وجهها أحد ستكون مقاطعة شعبية على نمط \" خلوها تصدي \" لأن الكتاب سيبقى في الأرفف مالم يشريه القارئ السعودي .. حبيب بن أوج [email protected]