المتأمل للعالم بما فيه الشجر والدواب والجبال والهواء والماء والأرض والسماء..الخ يسبح الله ولكن لا نفقه تسبيحهم , قال تعالى ( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) بكى الجذع لماذا ؟ لأنه فقد الذكر حينما فارقه سيد الذاكرين محمد صلى الله عليه وآله وسلم , الجبال تحب إن تسمع ذكر الله ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال إن الجبل لينادي الجبل باسمه يافلان هل مر بك أحد ذكر الله عز وجل فإذا قال نعم استبشر ) إن هذه الجمادات وتلك الحيوانات تذكر الله وتحب الذكر ولا بقى لها فالشمس تكور, والبحار تسجر, السماء تكشط, الأرض تدك, الجبال تنسف , الطيور تحشر ...الخ ولكن الشأن بكم أيها العقلاء فأنتم الآن في أيام الذكر التسبيح والتهليل والتكبير , نعم أيها العقلاء إذا ذكرتم الله ذكركم , وبذكره تطمئن قلوبكم , ويفتح لكم أبواب جنانه ونعيم فضله , الكثير من بني آدم أموت وهم أحياء لماذا؟ لفقدهم الذكر, قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( مثل الذي يذكر الله والذي لا يذكره كمثل الحي والميت )الذكر للقلب مثل الماء للسمك , فكيف يكون السمك إذا فارق الماء أخي القاري: لقد قل ذكر الله في مجالسنا ومنازلنا وذهبنا وإيابنا وفي ركوبنا ونزولنا..الخ, وأكثرنا من ذكر الأموال والأولاد والنساء..الخ , فلا اقل من أن نكثر في هذه الأيام المباركة من ذكر الله نرفع بها أصواتنا في أعمالنا وأسواقنا وبيوتنا قائلين الله اكبر , الله أكبر , لا إله إلا الله , الله اكبر , الله اكبر , ولله الحمد أخي القاري: لا تستغرب ممن يذكر الله كثيراً أن يرمى بالجنون, حيث أتى رجل أبا مسلم الخولاني رحمه الله , فقال له أوصني يا أبا مسلم قال اذكر الله تعالى تحت كل شجرة ومدرة , فقال زدني فقال اذكر الله حتى يحسبك الناس من ذكر الله مجنونا, قال وكان أبو مسلم يكثر ذكر الله فرآه رجل وهو يذكر الله تعالى , فقال أمجنون صاحبكم هذا فسمعه أبو مسلم فقال ليس هذا بالجنون يابن أخي ولكن هذا دواء الجنون ) وتأمل معي سهولة الذكر إذ لا يحتاج إلى طهارة, ولا إلى كلفه, ويستطيعه الإنسان قائماً وقاعداً, مسافر ومقيماً, صحيحاً ومريضاً....الخ, و إذا أضيف إلى الذكر سلامه القلب من الغش والحسد قاد ذلك صاحبهما إلى الجنة ونعم المآب , وتأمل كيف اجتمع الأمران لرجل فكاناً سبباً في دخوله الجنة في قصة تستحق الوقفة والتأمل , فقد اخرج الإمام أحمد وغيره عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كنا جلوساً مع الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد تعلق نعليه في يده الشمال , فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك.. فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى , فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضا فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال إني لاحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا فان رأيت ان تؤويني إليك حتى تمضي فعلت قال نعم قال أنس وكان عبد الله يحدث انه بات معه تلك الليالي الثلاث فلم يره يقوم من الليل شيئا غير انه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله عز وجل وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر قال عبد الله غير اني لم أسمعه يقول الا خيرا فلما مضت الثلاث ليال وكدت ان احتقر عمله قلت يا عبد الله اني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر ثم ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرار يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلعت أنت الثلاث مرار فأردت ان آوي إليك لأنظر ما عملك فاقتدى به فلم أرك تعمل كثير عمل فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما هو الا ما رأيت قال فلما وليت دعاني فقال ما هو الا ما رأيت غير اني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه فقال عبد الله هذه التي بلغت بك وهى التي لا نطيق) أسال الله إن يجعلني وإياك وإياكِ من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات. أبو حافظ : عبد العزيز بن سليمان بن عبد الله التويجري خطيب جامع الشيخ محمد بن عثيمين بالخبر فاكس / 038153161 البريد الالكتروني : [email protected]