كنت أتجول بين أفكار لم يُرد عليها بَعد وكنت أقول : من المؤكد أن (العريفة ) ستقف مجدداً لكتابة أسماء من يتمردن ويحاولن استغفالها للهرب بشقاوة من المكتبة ، وأن البقية سيمسحن الكتب وينظمنها حسب تعليمات أبلا هيلة أما هيلة فستنتهز الفرصة لاحتساء القهوة في غرفة المعلمات ،قاطعتني بهدوء : هُناك من لا يتذمر من حكاية المكتبة في مدارس أُخرى! ابتسمت باحتجاج : الذين لا يمتلكون مكتبة ! لم أَكن( أُحاور )سوى الفكرة التي ترسم النزاع بداخلي والكثير من الآراء التي دونتها في مساء ماضي، عُدت إليها مجدداً : لما لم تستبدل تحذيراتها المتكررة وتصحيحها لثلاثون دفتر بتأسيس قاعدة ثقافية وعلمية تليق بشخصية إسلامية عربية على مستوى المراحل الدراسية الثلاثة دون استثناء ، كم تحوي الكُتب من سير شخصيات تستحق تقديم الوقت لها ، قد نحتاج إلى تجسيدها بالكلمة أو القصة أو المسرح أو أن نكون مبدعين في استعراضها ، وإذا كنا نمتلك إرثاً ورقياً ضخماً ، وعولمة قد ساهمت في نشر آلاف الكتب بملايين الأفكار ، هل ستفكر يوماً بأن تستعرض قائمة من الكُتب القديمة أو الجديدة ً ؟ ، أو أي كتاب من شأنه أن يقاوم شيئاً مما اتسم به العصر ، الرهاب الاجتماعي مثلاً ،الحاجة إلى فنون الحوار ، الصحة ، الأدب ، الكتب العلمية ، الرواية الثقافية ، أو حتى أن تقدم الأطلس لتلك التي نسبت صلالة للمملكة ! قالت : قد لا تحتسي أبلا هيله القهوة في كُل مرة !! وقلت : ولكنها قد تتواجد تواجداً غير إيجابي في أسوار المكتبة وهذا سيكون ويكون فقط حينما تغيب مُعلمة ما مُخلفة أزمنة قصيرة تُدعى (انتظار) ، وتضعهن الصُدفة في المكتبة إن لم يكن الفصل هو القرار ! . ردت: ماذا تعني لهن الكُتب ؟؟؟ ابتسمت : لا يعرفن عنها سوى أنها أثاث مكتبي مُرصع بعناوين مختلفة كان التطرق إليها محدود وغير مقنن في أغلب المدارس بدليل المخزون الثقافي السطحي والمشوش الذي يظهر من موقف لآخر ،أعتقد أنه موضوع يحتاج إلى دراسة دقيقة جداً لاسيما وأن الثقافة في هذا العصر ساهم في تشكيلها الإعلام بأنواعه واقتصرت الكثير من محاولات الإطلاع على صور غير مكتملة لكثير من شبابنا ، حتى في هذه الشبكة ستظل المواقع الإلكترونية تهمس لهم : (كيف تصبح مثقفاً في أسبوع)! وكأن الغاية تخزين المعلومات المتناثرة التي تفتقر إلى روابط موضوعية وليس الاستفادة منها في واقع الحياة ، الشبكة لن يستفيدوا منها إلا إذا كان المجتمع المدرسي سيضيف مساهماته في تطوير ثقافة البحث فيها ونشر مفهوم الكتاب الإلكتروني إلى جانب الكتاب ، ترد علي بهدوء : أقلها أن تُؤازر المجتمع في قراءة كتاب يساهم في حل مشكلات الفئة العمرية التي تقودها ، أو أن تُشير إلى أي كتاب يتسم بسهولة القراءة في الثقافة الإسلامية مقاومةً لتبخرها الحاصل بمرور الزمن ، بدليل ترددهم في نطق أسماء الشخصيات الإسلامية المهمة و أساليبهم في الاستفتاء! هَمَسْت : حينما نتجول في الدُنيا وكلنا أمل بالتغيير للأجمل وحينما نلتقط الصور المتعددة لما حولنا من أحداث ونلجأ لعرضها مُوثقة ، سيصيح أحدهم: الصورة ليست لي ! كنت مؤمنة بأن المكتبة المدرسية أهم عنُصر في مركب المدرسة ، وبأنها مصدر انطلاق نحو الكتاب بجميع فروعه ، وكنت أرى أن المدرسة سمسار من شأنه صُنع علاقة وطيدة بين الطالب والكتاب بمراعاة اختلاف التوجهات والاهتمامات ، وكنت أتخيل أن للمعلم و لأمين المكتبة دور غير محدود في صنع ثقافة عامة ، و إتجاة في القراءة ، وتنقيب عن ميول الطالب ، ودور مهم في تجديد المكتبة ، ومراعاة الحدث والزمان والمكان ، ودور أكبر في التعريف بالكُتاب وأساليبهم والشخصيات والرموز العلمية والاجتماعية والثقافية ، والأهم دراسة توجهات الطالب بدقة وكيفية اختيار الكتاب بالمناقشة وبتصحيح الفكر ، إلا أن الواقع كان مُغايراً .. أنا لا أحتاج إلى إثبات توفير وزارة التربية والتعليم لمكتبات وأمناء مكتبات، بقدر حاجتي إلى إثبات عدم وجود آلية مميزة في استخدامها واستثمارها ،ولا بحاجة لإثبات وجود معلمات جديرات بأوسمة التميز بقدر الحاجة إلى تكرارهن ، وإيقاظ غيرة كُل معلم وأمين . هُناك الكثير من المدارس بحاجة إلى تفعيل أدوار المكتبات بداخلها وهناك كثير من المدارس تفتقر إلى مكتبة حيوية ، ولو كنت أَقصد بمقالي بضع مدارس لاستحقت نسج الحروف ، والتعبير عن مَعضلة أُمة لا تقرأ! لأنني أراها مساوية لنقص الكهرباء والماء اللذان لا يحتملان تأخيرهما ! إلا أن الواقع المُغاير يحدث في مدارس تتعدى كلمة (بضع). بعيداً عن التمحور حول المنهج الدراسي ، هل ستسعى وزارة التربية لإعادة ترتيب مسؤوليات أمناء المكتبات ، وهل ستتعدى مكتبة المدرسة حصة انتظار عابرة ، هل سأسمع بحركة ثقافية داخل المدارس عبر أسابيع من الأنشطة الثقافية أو زيارات للمكتبات العامة في كُل عام ؟ همسة// لا حراك لنهضتنا ، إذا كان تعليمنا دون ثقافة وإذا كان لا يستمد أطروحاته من الواقع الاجتماعي والاحتياج الروحي ... الكتاب مسؤولية مُعلم وأمين .. ومسؤولية نصف المجتمع الواعي .. حُلم نأمله : حصة أساسية خارجة عن المألوف في مكتبة المدرسة يقودها أمين مكتبة مُبدع . منيرة بنت عمر ال سليم