عندما تقرأ مقابلة مع عربي أو تشاهدها في التلفاز أو تسمعها عن طريق الإذاعة ينتابك أحيانا نوبة من الضحك الساخر المليء بالمرارة. إذ تجد أن هذا العربي يتشدق بملء فيه أن من أكبر هواياته التي يستمتع بها ويبحر بها في عالم آخر وينسى معها الزمان و المكان وحتى الأهل والأصحاب هي حينما يقرأ !!! أنا هنا لا أضحك ممن تكون القراءة هوايته فأنعم بها وأكرم من هواية ولكن أن نتباهى بقول مالا نفعل فهذا قمة الانحطاط. قد يقول البعض وما يدريك ؟ لعله صادق فيما يقول !!! فأجيب: عندما تسمع لكلام أسلوبه ركيك ولغته ضعيفة يقول لك بأنه قد أسرت القراءة لب عقله وخياله الجامح !!!! وعدما تقرأ لآخر يطنطن بأن لديه مكتبة منزلية يضاهي بها الأدباء والمفكرون والعلماء وهو لا يعرف كيف يتكلم اللغة الفصحى !!! حينما يتشدق ثالث بأنه لا يأتيه النوم حتى يقرأ فصلا أو جزء من الكتاب الفلاني وهو يرفع المنصوب ويجر المرفوع !!! حينها أراهن لكم كذب ما يقولون وزيفه. شيء جميل أن تكون لدينا الرغبة والاهتمام بالقراءة كونها منطلق الثقافة والمعرفة والعقول النيرة واللسان الفصيح ولكن لنجعل الواقع يوافق المنطق. أظهر المجتمع الغربي قلقه البالغ حيال إحصائية كشفت عن تضاؤل نسبة القراءة في حياة المواطن الغربي , حيث أن معدل القراءة عند الإنسان الغربي ستة وثلاثين ساعة ويصدر الناشرون كتاب لكل خمسة آلاف شخص في الغرب. بينما معدل القراءة عند الإنسان العربي يبلغ ست دقائق في السنة أي حوالي كلمة في الأسبوع ويصدر الناشرون العرب سنويا كتابا واحدا لكل ربع مليون شخص في العالم العربي !!!! تبرز المشكلة هنا من ناحيتين: هي كيف أن المجتمع الغربي قلق من هذه النسبة المتدنية للمواطن الغربي وسعيهم لإيجاد الحلول العملية لها , وعلى النقيض يتشدق علينا العرب فخورين بدقائقهم الست في السنة !!! مشكلتنا هي التضليل القاتم على واقعنا الرث والمميت , وإلا لماذا لا نواجه أنفسنا بالحقيقة المرة ونظهر شيئا من الجدية في محاولة حل هذه المشكلة الكارثية بدل أن نحاول حجب الشمس بغربال بالي وبطريقة فجة وغبية. دعونا نترك التغني بهواية القراءة لمن هو أحق بها ولنحاول ترميم وضعنا قبل أن نصل لمرحلة لا نجد فيها من يقرأ كلمة أو حرفا في العمر كله .... علي بن عبدالكريم السعوي [email protected]