ما أعظمها من نعمة ،فالحياة تدب في أجسادنا ،ولغة الأمل باقية ،والوسيلة متاحة ،والفرصة قائمة ،وسفينة النجاة تشرع أشرعتها لتعبرعباب يم الصعاب ،لترسو بعدها على شواطئ الظفر والخلود . لازلنا فوق الأرض ،تلهج ألسنتنا بالذكر ،وتسبح أفكارنا في فضاء التدبر والتأمل ،نسكن في أحضان السكينة ،وتغشانا الرحمة ، نترنم بحداء السالكين ، نعطف على المسكين ،ونمسح رأس اليتيم ، ونرفع أكف الضراعة نسأل الحكيم الخبير أن يمدنا بالعون والتوفيق . لازلنا نسطر في كتاب الحياة كلمات السمو، والارتقاء ،نحمل رسالتنا السامية ،لتبلغ أرجاء المعمورة ،يدركها حيران تاهت به الطرق ، وحسير أقعده القلق والاضطراب . فهل كان هذا هو معنى الوجود الحقيقي ؟ أم أنها مثل ٌ ,وآمال نشدو بكلماتها الرائعة ،دون أن يكون لها رصيد حي أوحراك نقرأه ، او تفاعل نراه . ما أقسى أن يمر الزمن ،ونحن نجهل حقيقة الوجود ،نعيش فوق الفناء للفناء ،متناسين نغم الخلود ،وسعادته . فاستمرأ أقوام إلف العادة ،ووهم السعادة ، فحبسوا وجودهم ،على اغتنام اللذائذ ،والملذات ،وغرقوا في محيطات التصورات ، وظلوا ينافحون عن الانحرافات ، مغيبين للدلالات ، فخدعوا غيرهم ،وساروا في ظلهم ويحسبون أنهم مهتدون . الحياة على الأرض هي مدة الامتحان ،وحري بكل ذي لب ، أن يفقه عظم الفرصة ، وأن يغتنم لحظاتها ،وساعاتها ، وأن يتحرر من رق الحطام ، فما نكسبه منها ،وما نجنيه من ثمرها ، إذا لم نوظفه في خدمة المثل والقيم ، أصبح وبالا، وحسرة ،ولات ساعة مندم . الزمن سينقضي فيا من خدعته زخارف الدنيا ،وظن أن رسالة الحياة مايحمله من فكر ،و ما يظنه من رأي لأ جله يعيش ،وعن حماه ينافح ، حتى ولوكان ضلالا بين الغواية ، ينتكس في وعورته هو ، قبل أن يغوي غيره . توقف،وأعلم أن الزمن سيتوقف يوما ما ، وبعدها ينكشف الخباء المسدل عن الغيب المخبؤ، فإما الجنة دار النعيم ،والخلود ، وإما النار دار البؤس ،والشقاء ، عندها فقط ،ندرك أبعاد ما خلفته الأهواء ، وماأقترفته الجوارح ، وما أنتفشت فيه الذوات ، وإذا به سرابا لاماء ، خداع لا حقيقة ،وهم لا سعادة . لنتذكر جميعا ،أن الفرصة قائمة ،ومراجعات اليوم تصحيح لمسار الغد ،والرجوع عن الخطأ فضيلة سامية ، لا يحمي الذات فقط ،بل يحمي أمة وينتشلها من الزيف والخداع إلى الصدق والأمان . لنستحضر جسر العبور إما إلى الجنة ،وإما إلى النار ،فللعمل قيمته ،ووزنه العظيم ، وكذلك الفكر فلنقدم ، ما يؤهلنا لعبور ذلك الفزع العظيم ، ولنتذكر أننا لا زلنا فوق الأرض