الساعة الآن 5.30 بعد صلاة الفجر المكان مسلخ الديرة ....... الست العزيزة، والدتي، جماعتي، سلالتي، كل بعير هائم في الصحراء.... تغشاني رجفة هائلة حينما أتصور اللحظة التي ستقع فيها سكين تافهة على ( عرقي المدفون ) تحت نظرات (متغطرسة) من قاتلي، وهاأنا أتذكر اليوم الذي قدمت فيه إلى هذه الدنيا وقدر الرعاية (المتواضعة) التي قدمت إليّ من مالكي، وعشت مع أفراد سلالتي والتي لا تنتمي إلى فصيلة (المزايين)، فالخوف يتملكنا من المجهول ومن المصير الذي سوف ينتظرنا، والحياة البسيطة التي عشناها مابين البحث عن لقمة العيش في مجاهيل الصحراء القاحلة، وبين المكان الذي نبيت فيه...ولن أنسى ذلك اليوم الذي قدم إلينا(مالكنا) ومعه ما يطلق عليه (مزيون)، ودرجة الرعاية الخاصة جداً الذي حضي به من مأكل ومشرب وملبس!، والحسرات التي تنتابنا ونحن نرمقه بعين تملئها الحسد عليه من جراء عدم العدل من مالكنا في كيفية التعامل غير المقبول والذي يصل إلى حد الإفراط في دلاله والعناية فيه..ولا نستطيع مجرد الاقتراب منه لكي لا ندنسه...والشعور الذي يملئنا هو الاستغراب من جانبنا نحن معشر الإبل العاديين والمساكين ... إذ كيف لم نطور من أنفسنا ونغير من أشكالنا ولو بعمليه (تجميل) لنتحول إلى ( مزيون ) ولنستمر في هذه الحياة ونستعذب اللحظات الحلوة الجملية، فبدلاً من القتلة البشعة بتلك السكين، نجد أنفسنا قد تجاوزت قيمتنا المليون ريالاً... وأصبحت لنا محافل وشعارات ورموز.. لم ترى العرب مثلها من قبل.... وتجمعت الناس والقبائل من كل حدب وصوب وليشاهدونا بنظرات الإعجاب والدهشة، والسؤال الثاني الذي ينتابنا ويملئ عقولنا بحسرة وهو لماذا تلك التفرقة (العنصرية) من أبناء الصحراء في الإبل والذي لم تحدث من قبل في كل العصور السالفة!!، والسؤال الثالث لماذا لا تكون هناك أولمبياد للقوة..نعم للقوة، فعلى مدى العصور الغابرة عُرفت الإبل بقوة تحملها.....بدلاً من عروض (المزايين)، حتى أنه أطلق علينا بكل فخر سفينة الصحراء، أما السؤال الأخير ..آه ..الأخير في حياتي... هو أنه هل سبب تزايد نفوق الإبل على أنه عقاب سماوي لما وصل إليه حال (الإبل اليوم!!). . أحبائي ما أرسل لكم ليست رسالة عابره...لكن محادثه من بعيد..من بعيد، ولأن المحادثة المباشرة غير ممكنه.... بل مستحلية!، وأنا أستعد للرحيل المر، وانتهي وينتهي عمري القصير.. والسبب أنني لست ( من تلك الفئة الممتازة والمختارة ).. آه لقدري .. ولكن عزائي الوحيد أنني مرسل لكم هذه المحادثة المشفرة لكي تحسنون من سلالاتكم ولو أن تقترنوا بواحد من تلك ( المزايين ) بأي وسيلة كانت، لتنتقلوا أو تنتقل سلالاتكم القادمة من حياة التعاسة والشقاء .. مثلي .. إلى الانتقال في صفوف ( المزايين ) وعصر الاحتراف القائم على صناعة (الجمال!!) لكم ولأجيالكم .... تلك اللحظة تُحرم عليكم السكين .. وتنتهون إلى من يخدمكم ويسهرون على راحتكم وأمنكم ورضاكم.....وربما تسهرون إلى ما يقارب الساعة 30,5 فجراً!. ليس هذا فقط بل وصل إلى حد علمي أن أُضطر كثير من أبناء الصحراء أن يقترضوا مئات الآلاف بل ملايين لكي يظفروا بواحد أو أكثر من ( المزايين )، أو أن ينظموا محفل كبير تليق بقبيلتهم ليتم عرض المئات من (المزايين) أمام حشد ضخم من البشر، وإن أنسى فلا أنسى أننا نحن السلالات من الإبل العادية نكون ضحية هذه المحافل الكبيرة، ويتم ذبحنا بالمئات لكي نقدم كوجبة دسمة لزوار ومنسوبي تلك المحافل!. أتمنى من كل قلبي بعد التحسن المستمر لسلالاتكم أن تكونوا من تلك الفئات آمنين ومطمئنين.. ويا لسعادتي .. وإنتقامي لنفسي .. وهذا شرف لي بأنني سبب في سعادتكم ورفاهيتكم ...وبقاءكم... في هذه الحياة...ومدى الحياة .. إلا أن يأتي اليوم الذي سوف تموتون فيه ميتة طبيعية... طبيعية... طبيعية...وأنا الآن..... وحدي .. وحدي .. وحدي .. الوحيد في جحيمه.. أموت وتعيشون!! . بقلم الدكتور زيد المحيميد* *كاتب وأكاديمي سعودي([email protected]) ---------------------------------------------------------------------------------------------------------- تعليقات الزوار المهندس / منصور الرسيني سبحانك اللهم بحمدك سبحانك الله العظيم سبحان مغير الأحوال, كنا في زمن نضحك ونستخف في عقول من لا دين لهم وهم يقيمون الأحتفالات من اجل اجمل كلب يستعرضون به امام جمهور غفير. عندما تقول هذه المقولة لأحد يقول الفارق كبير بيننا وبينهم مع العلم ان الأهتمام لكلا الأحتفالين لذوات الأربع اي دابة بمعنى حيوانات, ماذا اصابنا نحن المسلمين نسخر من اقوام وننسى انفسنا من اجل القبلية ولا انسى احد الشعراء عندما كان يستهزئ بأحد الرؤساء لدولة غربية عندما قال عنه \" ذاك الكلب ابن الكلب راعي الكلب\" . كنت اتمنى لو كان الأحتفال من اجل احد ابنائنا لوصولة لأبتكار جديد لأحد الأمراض المستعصية في هذا العصر, وكنت اتمنى لو ان هذه المبالغ التي صرفت من اجل ذوات الأربع صرفت لبناء مستشفيات او توفير جهاز لمرض معين الفاهم مقال رائع جدا اتمنى ان يصل لمكاتب المسؤلين بالدولة القصيمي رائع يادكتور زيد اتمنى لك التوفيث الرعوجي مقال بالثمانيات صالح عبد المحسن - بريدة - الخبوب ما تعانيه هذه الجمال في هذه الأوقات من تفرقة عنصرية يعانيه بنو البشر