قبل أشهر من الآن كان للاخبارية قصب السبق في إماطة اللثام عن أخطاء ترتكب بحق المواطن والمحافظة ، أخطاء تبدا من المكاتب الرسمية على هيئة قرار أو تصرف وتعود إليها على هيئة شكاوى ومطالبات بالإصلاح . أزاح " حديث الشارع " في وقتها الغطاء اللامع الذي يحول دون رؤية الواقع كما هو بقضه وقضيضه دون تعديل أو تجميل ، وحظي حينها بتأييد شبه تام لطرحه الجدي الذي قام على أساس واضح لاينثني لمصلحة ولا يخضع لضغوط . واليوم وبعد مجئ المحافظ الجديد واستلامه العمل وبعد مضي فترة ليست بالطويلة إلا أنها كانت ثرية بتجارب لم نعهدها من قبل ، فإنه من الجدير بنا أن نقف موقف المتأمل لجميع التحركات والسكنات التي شهدتها المحافظة منذ قدومه ، ونعيد قراءتها بعيداً عن النفاق والتملق وعلى نفس المعايير التي أخضعنا لها الاجتهادات السابقة لأصحاب القرار في ذلك الوقت . مجئ المحافظ بعد فترة شهدت العديد من الأحداث والتقلبات التي زادت الوضع تردياً ،؛ يجعل إطلاق الأحكام بشكل مستعجل قراراً خاطئاً ومنطقاً لاقبول له ، لهذا فإن إطلاق حكم نهائي ومسبق بناء على مانشهده من تغيرات إيجابية سيكون مجازفة لاتقبل ولاتهضم في حال حدث خلاف المتوقع . لكن قراءة الواقع تبعث التفاؤل وتحيي الأمل في إيجاد قاعدة صلبة لعمل إداري احترافي وقيادة حازمة تهدف للتغيير ، ولتكن البداية بالتغييرات الداخلية في المحافظة ، وبالطبع لانقصد التغييرات التي شهدها المبنى وإنما في هيكلة المهام المسندة للموظفين ، واختيار الكفء لتسلم المهمة الأصعب والأكثر حيوية ، مع يقيننا بأن هناك قصور كبير وشح في الكوادر المؤهلة نتيجة ترهل إداري عام لايسأل عنه المحافظ . فتجربته في الهيكلة كانت جديرة بالاحترام ، يليها اجتماعاته المتتالية مع رؤساء القطاعات والتي حملت نتائج بدأنا نتلمسها على أرض الواقع وسجلت تصاعداً ملحوظاً في أداء بعض القطاعات وخاصة الأمنية منها ، ثم الاهتمام الكبير الذي أولاه للإعلام وكان بمثابة الاعتراف بدور الإعلام في التنمية والنهضة الشاملة ، وهو موقف يستحق الاحتفاء بعد أن عاش الإعلاميون مرحلة حرجة وقاتلة توجت آخر فصولها بملاحقتهم أمنياً !! ولاتتوقف القراءة عند هذا الحد دون أن تمر على أهم تجربة أعادت الأمل للنفوس في محافظتنا ، وهي خطوة تؤكد بأن الفكر الذي يحمله الحاكم الإداري مختلف تماماً عن الذي يحمله من قبله ، فمساعي الأستاذ فيحان بن لبده في مجال التعليم العالي تستحق الرصد والإشادة ، ومتابعته للملف منذ البداية وحتى تتويجه بالاجتماع الميداني مع القائمين على جامعة شقراء يوحي بأنه متجاوب مع رغبات المصلحين من الأهالي ويدعمها بجهده ووقته ، ولعلها التجربة الأكثر لفتاً للانتباه كونها تمس قطاع حيوي هام ، وخدمات لو توفرت ستكون نقلة نوعية وتنموية كبرى في تاريخ المحافظة . هذا إلى جانب مساعي قادها الرجل لإنهاء خلافات جانبية ومحاولات لإقالة تعثرات في مشاريع خدمية وإصلاح حالات فساد شهدتها مشاريع عفيف وأخرى ظهرت بوادرها المشجعة وننتظر نتائجها ، وهي تقودنا في النهاية لضرورة الوقوف جنباً إلى جنب مع هذه الخطوات الإصلاحية ودعم العاملين عليها للسير في الطريق الصحيح ، وعدم التخلي عنهم لكي تصبح الجهود جماعية وتصب في مصب واحد ، وتزيد من حماس الراغبين في التغيير والإصلاح لكي ترتقي المحافظة وتتبدل الأحوال . فجهود كهذه تستحق أن نوقظ فرس الرهان من سباتها ، ونعيد رسم البسمة على شفاهنا ، ونشيع فضيلة التفاؤل ونطلق لأخيلتنا العنان لكي تحلم بالقادم الأجمل ، ونودع مرحلة القنوط والتذمر ونوقف قوافل الهجرة ، ونبدأ في رسم مستقبل مشرق على أرض عفيف البكر .