لقد كان للكلمة ولا يزال دورها الحاسم في تغير الإنسان على كل الأصعدة. الدين. والعلم. والفكر. فالكلمة. رسول إلى القلوب والعقول. وهي الوسيله التي يتفاهم من خلالها الناس. ويتبادلون الأفكار ونشر القيم. والإسلام اهتم بالكلمه ولم يغفل دورها. بل وضعها في إطارها الحقيقي، واهتم بها كل الاهتمام. فجعلها وسيلة لهداية الناس. وتربيتهم. وتوعيتهم. وصياغة الدور الإنساني كما يجب وايمانا بأهمية الكلمة. كانت الخطبة التي تسبق صلاة الجمعة المفروضة. شعيرة ثابتة.ولقد لعبت خطبة الجمعة دوراً كبيراً في حياة المجتمعات الإسلامية. فمن خلال هذا المنبر طرحت مشاكل المجتماعات. ومن خلال هذا المنبر عولجت المشاكل التي كانت تستجد في كل وقت وحين. وطرحت الحلول المناسبة. ومن خلال المنبر الأسبوعي استطاعواالخطباء أن يبعثوا في آلامه الامال العريضه، وان يقومهوها القوام السليم. واستمرت الجمعة وخطبتها شعيرة واجبه. ومعلماً بارزا من معالم المجتمع الإسلامي. وظلت خطبة الجمعة منبراً يحتمي به المجتمع من شر الفساد والضياع والانحراف. وظل صوت الخطباء عالياً يصدع كل أسبوع بقول الحق. واليوم وقد وصلنا إلى ما وصلنا إليه. وأمام تزايد المشاكل وتفشي الفساد في الارض. هناك سؤال يطرح نفسه. هل وظفنا خطبة الجمعة التوظيف السليم لخدمة المجتمع وتوعية المسؤل لخطورة الوضع الحالي من الوقوع في الظلم وأكل الحقوق بالباطل وانتشار الرشوه والكثير من القضايا التي بدأت تظرب وتنخر في جسد المجتمع ! أن النظرة إلى واقع الخطبة في وقتنا الراهن تعطينا صورةضبابيه مضطربة! إن خطبة الجمعة لاتزال قائمة في عالمنا والمنابر تتزايد باستمرار. لكن هذه المنابر أبتعدت أو أبعدت عن دورها الحقيقي ولم تستثمر بالشكل الصحيح. والخطباء الذين يتحدثون من خلالها ليسوا. مع احترامنا لهم. على مستوى الخطبة بمعناها الحقيقي، بل قد تجد فيهم. للأسف الشديد من لا يدرك معنى الخطبة كرساله ساميه. ومن يتصور أن الخطبة هي مخاطبة الناس من مكان مرتفع. دون أن يعلم أهمية المنبر الذي يعتليه. وهكذا نشاهد على منابرنا أنماط متباينة من خطباء الجمعة.يصل إلى حد التناقض. خطباء يلقون عليك خطباً مكررة. يطرقون مواضيع محددة.لو غبت عنهم فترات طويله. وعدت إليهم لوجدتهم يتكلمون عن المواضيع نفسها. ويستعملون الأمثلة والتشبيهات التي يستعملوها في كل جمعه وقد يتحدثون هؤلاء الخطبا عن هول الشجاع الاقرع في الاخره. بينما ضحايا ( اقرع الدنيا) في كل مكان وآثاره تملأ الطرقات، والوزارات وخطره الفتاك يهدد المجتمع بأسره، بعبارة أخرى فإن هؤلاء الخطباء يقدمون لك خطبة بارده لا توقظ نائماً ولا تهدي تائهاً. بل هي كلمات لملء الفراغ. واداء الواجب وآخرون يأتون المنابر ليقرأوا أوراقاً كُتبت لهم. وليطرحوا أفكاراً أُمليت عليهم، فتسمع منهم عجباً. فكأنهم لا يقفون على منبر الجمعة. وكأنهم لا يخاطبون جمهوراً واعي له عقله وحسه الديني . ويهمل في موضوعاته أحداث الساعة التي تمس واقع المجتمع ووجوده ومستقبله. فلا يجد المصلي في خطبته متنفساً لمشاعره العارمة وآلامه الغائرة. فيستمع إلى الخطبة دون أن يتفاعل معها. وكيف يتفاعل المصلي مع خطبة تتحدث عن منكر ونكير وأهوال القبر بينما هو لم يستطع توفير لقمة عيشه وتأمين بيت وزوج يأوي اليه وتأمين مصدر رزق من الجوع والفقر يحميه وهناك من ينعم بخيره غير أبه لحاله متى يعي من يعتلون المنابر.ان الملايين الذين يرتادون المساجد باحثين عن خطيب يتلمس مشاكلهم وهمومهم. الخطيب يحتاج إلى ثقافة واسعة في أمور الدين والمجتمع. وفهم دقيق لشرائح الناس الذين يرتادون المسجد. وأحوالهم الاجتماعية. وظروفهم المعيشية. فلا حياة لخطيب لا يعيش مشاكل المجتمع وقضاياه. ولا أثر لخطبة لا تلامس أعماق الناس الوجدانية والفكرية والاجتماعية. فليحذر الخطباء من ترديد مايملا عليهم وتحويل منابرهم إلى أبراج عاجية تحجبهم عن مجتمعهم وقضاياه.وتبعدهم عن تلمس أوجاعه واحتياجاته الحقيقية وعن واقعة الي يعيشه . حمود مرزوق المرشدي