الكثير من مجتمعنا يتساءل عن الموهوب وعن ماهيّة برامجهم التي طالما سمع عنها أو قرأ عنها ذات يوم .. سواءً على مستوى مجتمعنا الضيق أو على مستوى المجتمع السعودي بشكل عام وواسع وعن ماذا يقدم فيها وكيف يقدم ؟ وما هي أهدافها ومخرجاتها المتوقعة وحُق لهم السؤال فكان حقاً علينا الإجابة وإزالة الضبابية التي تعتري عيون بعض غير المختصين والمهتمين !! فالسواد الأعظم من المجتمع يعتقد أنّ الطالب الموهوب هو الطالب الذي يخترع طائرةً أو جهازاً يغيّر مجرى واتجاه الحياة بين ليلة وضحاها بلا طريقة أو منهجية علمية .. ولسنا هنا في صدد التعريف بالطالب الموهوب على الرغم من أهمية هذا الموضوع وحساسيته في نفس الوقت ، وكيف أن تعريف الطالب الموهوب مثار جدلٍ واختلاف حتى في أوساط المختصين وعلماء النفس والتفكير .. ولا أدل على ذلك من النظريات المتعددة والمختلفة التي تفسّر السلوك الموهوب والتي يتبناها علماء الموهبة ، والمدارس الفكرية المختلفة التي ظهرت بداية من منتصف القرن المنصرم .. دعونا من هذا كله .. فسوف نتكلم عن ماهيّة برامج الموهوبين واستراتيجيات التفكير التي تقدم للطالب الموهوب لبناء شخصيّة وصناعة فكر .. وكيف أن برامج الموهوبين تختلفُ عمّا يقدم للطالب العادي في الصف الروتيني العادي ..! إننا في برامج الموهوبين نسعى لهدفٍ سامِ هو بناء شخصية الطالب الشاملة .. بحيث يصبح قادراً على حل المشكلات التي تواجهه في حياته اليومية والتفكير فيها بطريقة علمية من خلال مهارات حل المشكلات ومنهج البحث والاستقصاء وصولاً للتعلم الذاتي الذي فيه يقوم الطالب بالتوصل للمعلومة الصحيحة والحقيقة العلمية بنفسه .. فنحن لا نقدّم المعلومات والحقائق جاهزة ، فقط نقدّم التساؤلات المثيرة للتفكير ومهاراته الدنيا والعليا .. إنّ الطالب الموهوب يتم تدريبه من خلال برامج الموهوبين على مهارات مختلفة ، والكل يدرك أن المهارة هي السلاح الحقيقي في هذا العصر .. فالمعلومة قد ينساها الطالب مع مرور الوقت بينما المهارة سلوك لا يمكن نسيانه ، فمن منّا نسي ذات يوم كيف يقود سيارته ؟! والجميع قد سمع بالمقولة الشهيرة : قل لي فسوف أنسى ، علّمني فسوف أتذكر ، أشركني وسوف أفهم . إذاً الطالب الموهوب في برامج الرعاية هو العنصر النشط والفعّال وهو المحور الرئيس ، بينما دور المعلم ينحصر في التدريب على المهارات واستثارة التفكير لدى الطالب .. ثم العمل على التوجيه والمتابعة والتقويم .. ومن المهارات التي يتم تدريب الطلاب الموهوبين عليها في مستويات البرنامج المختلفة على سبيل المثال لا الحصر ، أسلوب العصف الذهني ، أسلوب حل المشكلات بطرق إبداعية ، منهجية البحث العلمي والاستقصاء ، مهارات التجريب والتحليل والاستنتاج والإثبات أو النفي للفرضيات وقبل هذا كيفية فرضها ، مهارات الملاحظة والمقارنة والربط بين الأشياء والتنبؤ بنتيجتها ، مهارات التفكير الإبداعي والناقد ، مهارات استخدام المكتبة والرجوع للمصارد العلمية الموثوقة والتواصل مع المختصين والأكاديميين ، مهارات الشخصية المبدعة كالاستماع والإنصات ، ومهارات طرح السؤال ، واحترام الأفكار وتقديرها مهما كان مستواها ، احترام الرأي والرأي الآخر والعمل بروح الفريق الواحد ، أدبيات النقاش والحوار للبحث عن الحقيقة بعيداً عن الأهواء والميول الشخصية ، مهارات الإقناع والاقتناع ، والفرق بين القبول والتقبّل للأفكار ، بالإضافة إلى التدرب على مهارات التقنية الحديثة كالكمبيوتر ، والبحث في الإنترنت والاستفادة منها في الاستزادة من العلوم المختلفة .. ومما سبق بات جلياً للمتابع أننا نبني شخصية متكاملة متوازنة مبدعة قادرة على ربط ما تعلّمه بتطبيقات الحياة المختلفة وفق منهجية علمية مقننة ومعتمدة عالمياً .. وهذا ما يصعب قياسه في الوقت الراهن لكنّ نتائجه أمرُ يدعو للفخر في أوساط التربويين المختصين في المستقبل المنظور .. إذاً برامج الموهوبين تصنع فكراً راقياً ولا تقدم معلومة أو حقيقة جاهزة ، وهو ما تسعى له التربية الحديثة .. س ع د الشايوش رئيس وحدة الرعاية والبرامج الإثرائية بمركز رعاية الموهوبين