تتعرض الحرف والموروثات الشعبية القديمة للاندثار والتلاشي تدريجيا في كثير من المجتمعات، إلا أن أبناء محافظة أملج يتمسكون بموروثهم القديم وخاصة التراث البحري بسبب طبيعة المحافظة الساحلية والميناء المتوسط لأملج، والذي يزيد عمره عن 200 عام، ويعد القلب الرئيسي والشريان الحيوي لهذه المحافظة، فمنها انطلق عمل النجارين من صناع السفن والسنابك، وتوارثه الآباء والأبناء. وحمزة إبراهيم حمزة السيد هو أحد النجارين الذين تمسكوا بهذا الموروث والحرفة اليدوية القديمة، فورثها من أبيه عن جده عن سابقيه، وهم شيوخ الصيادين، خوفا عليها من الضياع أو الاندثار. يقول حمزة الذي أبحر معنا، ومد لنا شراع التواصل، لنستخرج معه كنوز خبرته في عمل السنابيك وإعادة تهيئتها مرة أخرى، فيقول: تعلمت صناعة السفن عندما كنت أرافق والدي في مهنة النجارة، حتى تعلمت واكتسبت منه هذه المهنة وأصبحت نجارا ووالدي شيخا لمهنة النجارين بعد جدي، حيث اختاره أرباب المهنة في العام 1399ه. وحول عملية صناعة السفن أو السنبوك يقول حمزة: تتم عملية صناعة السفن من العمود المسمى الموزة والسالي والحلقوم والسنار والسطحة، وبعد ذلك يتم تركيب الشلمان والألواح، ويتم عمل القلفاظ. وأضاف: صناعة السفن مثل هندسة المنزل يقوم شيخ النجارين بوضع الأساس وتركيبة الموزة بشكل هندسي، ويتم تكملة الباقي من قبل النجارين. أوائل السنابك ويتذكر السيد أول سنبوك تم صناعته في أملج، فيقول: حسب كلام والدي كان أول سنبوك تم وشره في أملج هو السنبوك (الأنيس) لأبناء احمد سيد هذا هو أول سنبوك، والذي اشتغله جدي حمزة ويوسف وخليل وياسين أبناء احمد السيد، وبعد ذلك وشر سنبوك ثاني اسمه (منصورة)، وانكسر في أول رحله بحريه له في اليمن. ويحكي حمزة عن سنبوك آخر انكسر في إحدى رحلاته وراح ضحيته جميع البحارة، فيقول: هذه الحادثة شهيرة في أملج رغم قدمها، وكما رواها والدي لا يمكن لأحد أن ينساها، حيث انكسر السنبوك «الحصر»، وكان لمواطن عماني، وراح في البحر، حيث سافر من أملج وبه ثلاثة عشر بحارا بربانهم واسمه سعيد بن بخيت، وكان ربانا مشهورا، وطلع معهم شخصان في رحلة علاجية للسويس في مصر، وكانوا مرضى، وقال الربان سآخذ كفنا لهما لو مات واحد منهم أو كلهم أدفنهم في جزيرة في البحر، وسافروا إلى رأس بناس وحملوا حجرا إلى السويس، وعند صنافر وتيران انكسر السنبوك وراح كل بحارته، ولم يخرج منهم إلا ثلاثة، منهم الاثنان المرضى، حيث عاشوا بعد الحادث فترة في أملج، ومات الباقون.
أمير بحر ويشير السيد إلى لقب «أمير بحر»، فيقول: كان يطلق على الشيخ محمد جمعة سعيد رحمه الله، وهو المسئول عن كل قضايا البحر ويحلها عند دخول الجمرك ودخول وخروج البضائع. وحول المواد المستخدمة في صناعة السنابيك وأماكن استيرادها يقول: بالنسبة للشلمان فخشبه من أملج من السدر والسمر والأخشاب، أما الهراب والألواح فمن السودان. ويذكر حمزة بأسى أن السنابك القديمة التراثية التي كانت ترسى على شاطئ أملج تم تكسيرها جميعا من قبل البلدية، ولم يحافظوا عليها او يضعوها في مكان بارز لإطلاع الأجيال عليها ومعرفة تراث آبائهم وأجدادهم. وحول الفرق بين السنبوك والقطيرة والهوري والبوت، قال السيد: السنبوك هو الأكبر، ويحمل ألف ومائتي كيس، والقطيرة تحمل أقل من هذا الحجم، في حدود أربعمائة أو أقل، أما البوت فصغير، والهوري هو الصداف الصغير اللي يخدم السنبوك.
الزميل فايز السميري مع النجار حمزه السيد
وهنا خطاب عمره 95 سنه موقع من مجموعة من النجارين بختارون جد ضيفنا نجاراً لهم
وهنا خطاب مأمور مرفأ أملج محمد عجوه إلى الشيخ حمزة أحمد رحمه الله
وهنا اسم سمبوك لجد ضيفنا عمره 90 سنه
هنا رخصة سمبوك من ميناء بورت بالسودان للمالك حمزة أحمد السيد جد ضيفنا حمزة