ألقى مَعَالِي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النَبَوِيّ الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس درسه الأسبوعي يوم الثلاثاء بالمسجد الحرام، وتناول درس مَعَالِيه تفسير آيات الذكر الحكيم من سورة "الرحمن" وقد فسر مَعَالِيه الآيات التالية: قال تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * ذَوَاتَا أَفْنَانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ}. أي: وللذي خاف ربه وقيامه عليه، فترك ما نهى عنه، وفعل ما أمره به، له جنتان من ذهب آنيتهما وحليتهما وبنيانهما وما فيهما، إحدى الجنتين جزاء على ترك المنهيات، والأخرى على فعل الطاعات. ومن أوصاف تلك الجنتين أنهما {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} [أي: فيهما من ألوان النعيم المتنوعة نعيم الظاهر والباطن ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر] (1) أن (2) فيهما الأشجار الكثيرة الزاهرة ذوات الغصون الناعمة، التي فيها الثمار اليانعة الكثيرة اللذيذة، أو ذواتا أنواع وأصناف من جميع أصناف النعيم وأنواعه جمع فن، أي: صنف. وفي تلك الجنتين {عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ} يفجرونها على ما يريدون ويشتهون. {فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ} من جميع أصناف الفواكه {زَوْجَانِ} أي: صنفان، كل صنف له لذة ولون، ليس للنوع الآخر. {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} هذه صفة فرش أهل الجنة وجلوسهم عليها، وأنهم متكئون عليها، [أي:] جلوس تمكن واستقرار [وراحة]، كجلوس من الملوك على الأسرة، وتلك الفرش، لا يعلم وصفها وحسنها إلا الله عَزَّ وَجَلَّ، حتى إن بطائنها التي تلي الأرض منها، من إستبرق؛ وَهُوَ أحسن الحرير وأفخره، فكيف بظواهرها التي تلي بشرتهم؟! (3) {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} الجنى هو الثمر المُسْتَوَى أي: وثمر هاتين الجنتين قريب التناول، يناله القائم والقاعد والمضطجع. {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} أي: قد قصرن طرفهن على أزواجهن، من حسنهم وجمالهم، وكمال محبتهن لهم، وقصرن أَيْضَاً طرف أزواجهن عليهن، من حسنهن وجمالهن ولذة وصالهن، {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} أي: لم ينلهن قبلهم أحد من الإنس والجن، بل هن أبكار عرب، متحببات إلى أزواجهن، بحسن التبعل والتغنج والملاحة والدلال، وَلِهَذَا قال: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} وذلك لصفائهن وجمال منظرهن وبهائهن. {هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ} أي: هل جزاء من أحسن في عبادة الخالق ونفع عبيده، إلا أن يحسن إليه بالثواب الجزيل، والفوز الكبير، والنعيم المقيم، والعيش السليم، فهاتان الجنتان العَالِيتان للمقربين. وقد شرح مَعَالِيه من كتاب عمدة الأحكام حديث ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، عن معاذة قالت: {سألت عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها فقالت: ما بال الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة؟ فقالت :أحرورية أنت؟ فقلت: لست بحرورية، ولكني أسأل. فقالت: كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة}. ويحظى درس مَعَالِي الرئيس العام الأسبوعي بإقبال كبير من قاصدي بيت الله الحرام وبالأخص طلبة العلم منهم.