من فضل الله سبحانه أن شرع لعباده مواسم طاعات ليتزودوا من الأَعْمَال الصالحات. فبعد أن انقضى شهر الصيام والست من شوال جاءت العشر المباركات.. فمن تكاسل عن القيام بعد رمضان وفتر عن تلاوة القُرْآن ولوى يده عن العطاء والإحسان فقد قدم موسم من مواسم الطاعات. فيا لسعادة من سابق فيه بالخيرات (ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ). – يسمي شهر ذي الحجة (بُرَك): لما فيه من كثرة طرق الخير للمؤمن من حج وأضحية وصيام وذكر.. ولا يتأتى هذا كله في شهر غيره. س/كيف يستقبل المسلم عشر ذي الحجة؟ – يستقبلها بالنية الصادقة للاجتهاد في الطاعة والبعد عن المعصية محبة لله وخوفاً ورجاء وإجلالاً وحياء منه. فهو سبحانه أهلٌ أن يستحي منه. قال رجل للنبي صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أوصني، قال: (أوصيك أن تستحي من الله كما تستحي من رجل صالح من قومك). قال ابن القيم: من استحى من الله عند معصيته استحى الله من عقوبته يوم يلقاه. ومن لم يستح من معصيته لم يستح الله من عقوبته. * فضل عشر ذي الحجة: قال صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ما من أَيَّام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام) قَالُوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: (ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء). * ما يستحب فعله في أَيَّام العشر: 1 – الحج، قَالَ صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة). – أفضل الحجاج: قال ابن القيم: إِنَّ أفضل أهل كل عمل أكثرهم فيه ذكراً لله عَزَّ وَجَلَّ، فأفضل الصوام أكثرهم ذكراً لله، وأفضل المتصدقين أكثرهم ذكراً لله، وأفضل الحجاج أكثرهم ذكراً لله، وهكذا سائر الأَعْمَال. 2 – الصيام، قَالَ النووي: يستحب صيامها استحباباً شديداً. وقد ورد في فضل الصيام قوله صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (من صام يَوْمَاً في سبيل الله باعد الله بينه وبين النار سبعين خريفاً). **يتأكد صيام يوم عرفة لقوله صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يكفر السنة الماضية والباقية). علينا أن نحث الصغار على صيامه فالصغير تُكتب حسناته ولا تكتب سيئاته يؤجر الصغير على صيامه وكذا من أعانه على الصيام. 3 – التكبير والتهليل؛ لقوله صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فأكْثَروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد). كان ابن عمر وأبو هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما يخرجان إلى السوق في أَيَّام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما. والمستحب أن يجهر الرجل بالتكبير وكذلك المرأة إذا لم يكن هناك رجال أجانب. **ورد عن الصحابة صيغ للتكبير: الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيراً الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد. – يشرع في أَيَّام العشر التكبير المطلق في جميع الأوقات من ليل أو نهار إلى صلاة العيد. – ويشرع التكبير المقيد وهو الذي يكون بعد الصلوات المكتوبة: – يبدأ لغير الحاج من فجر يوم عرفة. – وللحجاج من ظهر يوم النحر ويستمر إلى صلاة العصر آخر أَيَّام التشريق. قال ابن الجوزي: بذكر الله تستنير القلوب وتحيا، فكل غافل عن ذكر الله فهو في ظلام. **أيهم أفضل أَيَّام عشر ذي الحجة أم العشر الأواخر من رمضان؟ – قَالَ بعض أهل العلم: – أَيَّام عشر ذي الحجة أفضل؛ لقوله صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ما من أَيَّام أحب إلى الله من هذه الأيام..)، وليال عشر رمضان الأخيرة أفضل لاشتمالها على ليلة القدر. 4 – الصدقة: وقد سميت بهذا الاسم لأنها تدل على صدق العبودية لله. 5 – قراءة القُرْآن، قَالَ صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اقرؤوا القُرْآن فإنه يَأْتِي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه). قال خباب: تقرب إلى الله ما استطعت، فإنك لن تتقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه. 6 – الدعاء وخَاصَّة يوم عرفة: الافتقار إلى الله هو عين العبودية، فانطرح بين يدي المجيب، واسأله قضاء حوائجك، لائذاً بجنابه محسناً الظن به، موقناً بعطائه. ***يوم النحر (يوم عيد الأضحى): يرى بعض أهل العلم: أنه أفضل أَيَّام السنة على الإطلاق؛ لقوله صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أفضل الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر). 7 – الأضحية: وهي سنة مُؤكّدَة، قَالَ صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من إراقة الدم وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع عند الله بمكان قبل أن يقع من الأرض، فطيبوا بها نفساً). وقد نحر صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيده (63) أضحية، وأفضلها: الإبل – البقر – الغنم. – من السنن يوم العيد: التبكير للصلاة – أن يرجع من طريق آخر غير الذي جاء منه؛ اقتداءً بالنبي صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتكَثِيرَاً لسواد المسلمين وإِظْهَاراً للعزة بهذا الدين – وأن لا يأكل إلا من أضحيته. – من أراد أن يضحي عن نفسه أو عن نفسه وأهل بيته أو ميته؛ فيحرم عليه أن يأخذ شَيْئَاً من شعره أو أظفاره أو جلده حتى يذبح أضحيته؛ لقوله صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره). س/هل للمرأة التي نوت الأضحية أن تغسل شعرها وتمشطه؟ – قَالَ الشيخ بن جبرين – رَحِمَهُ اللَّهُ – : لا بأس بغسل الشعر وتمشيطه برفق، ولا يضر لو سقط منه شعر، ولا ينقص أجر الأضحية إن شاء الله. خِتَامَاً.. اسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.