تحرّكت وزارة العدل تنفيذاً لأوامر عليا بإحالة ملف صكوك أراضٍ تم تملكها بطرق غير نظامية لدوائرها القضائية بمحاكم الاستئناف في أكثر من منطقة من مناطق المملكة، وذلك بهدف التدقيق في صحة وسلامة هذه الصكوك، ومن ثم إلغاء ما تراه غير نظامي منها، وبحسب مصادر مقرّبة علمت بصدور قرارات نهائية في إلغاء جملة من هذه الصكوك التي تبلغ مساحات شاسعة ومبالغ باهظة، ولا شك أن هذا العمل القضائي يعدّ عملاً جباراً، وسيكون له ثمار إيجابية عديدة متى ما أحسنت وزارة العدل معالجة الآثار السلبية لإلغاء هذه الصكوك، وذلك لا يكون إلا بإنشاء عمل قانوني يعتمد على قواعد إجرائية تعالج كل مشكلة محتملة، فمشكلة إلغاء صك مواطن اشترى أرضاً بطريقة شرعية ونظامية من مواطن آخر لابد أن يتبع آلية في معالجة المشكلة أكثر تطورا من الطريقة التقليدية المعروفة (أن يرجع المالك الذي أُلغي صكه على من باعه، ثم يعود البائع على من قبله)، لأن هذه الطريقة في حالة إلغاء الصكوك ستسبب أزمة قضائية في كثرة الشكاوى والدعاوى، والمشكلة الأكبر أن أصل الكثير من الصكوك تعود إلى أشخاص يصعب استخلاص الحق منهم، بسبب مكانتهم ومناصبهم، وبالتالي كيف سيتحقق العدل بشكل سلس وسريع للمتضرر الذي لا حول له ولا قوة؟. وللمسؤول أقول: إن كان لكاتب هذه المقالة قدراً، فأقترح لمعالجة الآثار السلبية لإلغاء هذه الصكوك ما يلي: 1- تعويض الدولة للمتضررين من إلغاء صكوكهم، ويستثنى من التعويض كل من احتال أو غش أو ارتشى في نقل ملكية هذه الأراضي أو مُنح بطريقة غير نظامية من التعويض. 2- رفع دعوى بالحق العام على كل من احتال أو غش أو ارتشى في نقل ملكية هذه الأراضي أو مُنح بطريقة غير نظامية، وفيها يتم المطالبة بتعويض الدولة عما دفعته من مال للمواطنين. وقد يتساءل البعض عن سبب تعويض الدولة في الفقرة 1، إذ يتبادر للذهن انفصال الدولة عن العلاقة بين البائع والمشتري في هذه الأراضي، ولعل الجواب عن هذا هو بالقول: إن كتابات العدل تخفي في إفراغ الصكوك بيانات الصك الأول للأرض محل العقد، كما أن كتابة العدل والمحاكم تعتبر جهات معنية بوقف كل صك خالف النظام، وبالتالي فإجراء إفراغ الصكوك ونقلها بعد إجازتها من الجهات العدلية لا يمكن أن نرجع فيها باللائمة على مالك الأرض بعد ذلك ونحمله مسؤولية إجراءات إلغاء الصكوك الحديثة. وأختم حديثي بالقول: وزارة العدل نفذت توجها للدولة يحتاجه كل مواطن أعياه غلاء الأراضي الفاحش، ولكن لابد من دراسة العواقب حتى لا تفاجأ الوزارة بمشاكل قد تثقل كاهلها، ثم أقول يا قضاءنا وقضاتنا ابقوا فخرا لنا كما عهدناكم. وصلوا على النبي المختار كتبه د.تركي بن عبدالله الطيار المستشار القانوني والقاضي بوزارة العدل سابقا [email protected]