لا زالت معاناة المؤجر والمستأجر قائمة, فما من حل يقطع النزاع ويرفع الشجار, يماطل المستأجر بدفع الأجرة, ويفرض المؤجر الأجرةوالشروط التي يريدها ولو أدى ذلك إلى قيام المستأجر بتركيب الأبواب وصبغ الجدران على حساب المستأجر, ويبقى الحال بلا حل, فما من نظام متكامل يصوغ الحقوق والواجبات, وينظم الجزاءات والعقوبات, يستأجر المحتال ليبرز مهاراته الاحتيالية على المؤجر دون رادع, فيذهب المؤجر إلى قسم الشرطة لإخراج المستأجر, فيبدأ حينها مسلسل جديد من المعاناة, تقوم الشرطة بتبليغ المستأجر عدة مرات, ثم تطلب الشرطة إفادة عن وجود ترخيص تجاري أو سكني للعمارة من هيئة السياحة!!, ليدخل المؤجر سباق (الماراثون) في متابعة المعاملة, التي لا تحتاج لهذه الإجراءات المعقّدة ليحصل المؤجر على حقه, وحتى هذه الإجراءات لن تتم إلا بوجود موظف الشرطة المختص فإذا استأذن من دوامه وخرج فما على المؤجر سوى المراجعة مرارا وتكرارا!!, وتحت هذه المعاناة لك أن تتخيّل أن إجمالي القضايا المنظورة في المحاكم الشرعية في جدة -على سبيل المثال- بين ملاك العقارات والمستأجرين وصل إلى عشرة آلاف قضية حتى نهاية عام 2009م!!. والسؤال هنا: إلى متى تستمر هذه المعاناة؟ ولماذا يتم الاتكاء تنظيميا لحل مشاكل المؤجر والمستأجر على قرار مجلس الوزراء الصادر ذي الرقم 19 بتاريخ 14 / 1 / 1394ه وتعميم صاحب السمو الملكي أمير منطقة الرياض ذي الرقم 10592 / 6 بتاريخ 6 / 9 / 1425ه, لا سيما وأنهما يخلوان من حل أغلب المشاكل التي تعترض المؤجر والمستأجر؟ ولماذا يتم الاعتماد على الشرطة في وضع الآلية المناسبة لتنفيذ هذه التنظيمات, لا سيما وأن الإجراءات لدى الشرط تتسم بالمماطلة والتسويف؟ وأختم حديثي بالقول: لا بد من إصدار نظام يعالج المشاكل العالقة منذ زمن طويل بين المؤجر والمستأجر, فالمحاكم امتلأت من المشاكل العقارية التي تحدث بين المؤجر والمستأجر, كما يجب أن يتم وضع آلية تنفيذية تعالج هذه المشاكل بعيدا عن اجتهادات الشُرَط في وضع الآلية التنفيذية. ولا ننسى أن الواقع الحالي يقول: إن العقد بين المؤجر والمستأجر ليس كافيا لإجبار المستأجر على الخروج مباشرة!!, إلا عن طريق المحكمة, كما أن الواقع يقول أيضا: إن العقد ليس كافيا لإجبار المؤجر على تحمل الخسائر المالية التي حصلت للمستأجر نتيجة تهيئة وتجهيز الشقة أو العمارة للسكنى فقد يقوم المستأجر بتركيب الأبواب وصبغ الجدران ذات اللون الإسمنتي على حسابه!!, إلا عن طريق المحكمة التي تزدحم بآلاف القضايا. كتبه د. تركي بن عبدالله الطيار المستشار القانوني والقاضي بوزارة العدل سابقاً [email protected]