مع اقتراب موسم الاختبارات يقبل الطلاب والطالبات على مذاكرة دروسهم بتركيز واهتمام بالغ، ويسابقون الوقت لمحاولة الإلمام بكل ما فاتهم، في الوقت الذي ينشط فيه تجار الحبوب المخدرة، وتبدأ عصابات تهريبه بترويج منتجاتهم على الطلاب أمام المدارس وعن طريق رفقاء السوء بين صغار السن، والذين ينتشرون وسط زملائهم بالحبوب التي يروجون بأنها تزيد من النشاط والسهر لكسب مزيد من الوقت والقدرة على المذاكرة.. ومن هنا تبدأ الحكاية. نفق المخدرات المظلم يتطور الأمر بين بعض الطلاب المغرر بهم إلى حيازة وإدمان وتجربة أنواع أخرى من السموم، والدخول في نفق المخدرات المظلم، وبالرغم من أن المملكة تعطي لمحاربة هذه السموم ومروجها أولوية خاصة، إلا أن كثرة محاولات تهريبها وانتشارها بين المجتمع يتسرب من خلالها هذه السموم إلى الطلاب في ظل إلحاح بعض أصدقاء السوء عليهم في شرائها. من جانبه، أكد عبد الإله الشريف مساعد مدير مكافحة المخدرات، أنه مع قرب الامتحانات تكثف المديرية العامة لمكافحة المخدرات جهودها في حملاتها الميدانية والبرامج الوقائية داخل المدارس والمعاهد التقنية والمهنية لتوعية الطلاب والطالبات بأضرار آفة المخدرات لوقايتهم وحمايتهم من خطر المخدرات، موضحين أن هناك تعاون وثيق فيما بين المديرية العامة لمكافحة المخدرات وإدارات التربية والتعليم في كافة المناطق والمحافظات. ونبه خلال تصريحات سابقة، على أنّ هناك بعض الطلاب والطالبات يقومون مع بداية الاختبارات النهائية بالبحث عما يسمى بحبوب الكبتاجون، والتي تندرج تحت قائمة المخدرات المنبهة التي تسبب الإدمان، حيث يظن البعض أنها تستخدم للتغلب على النوم والإرهاق، وهي في الحقيقة تضعف الإدراك وتسبب الكثير من الحوادث والمضاعفات، موضحاً أن مكافحة المخدرات تنسق دائما مع وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي لعقد ندوات التوعية داخل المدارس والجامعات للتحذير من مخاطر المخدرات، وخاصة فيما يتعلق بالحبوب المنشطة والمعروفة ب"الكبتاجون"، التي يزيد نسبة رواجها مع قرب الاختبارات. إجراءات وقائية وبالرغم من أن التعاطي والإدمان لا يشكلان ظاهرة حقيقية بين الطلاب، ومع ذلك فإن المديرية العامة لمكافحة المخدرات وضعت ضمن خططها الوقائية آليات وإجراءات محكمة لكيفية التعامل مع المتعاطي من الطلاب وفقاً لخصائصهم النفسية والاجتماعية والعمرية، فهناك إجراءات تبدأ من حين التعرف على المتعاطي إلى أن تنتهي الحالات بالشفاء والتعافي والعودة إلى الحياة الطبيعية من جديد، بالإضافة إلى أن المديرية لديها العديد من الخبراء الذين تستفيد منهم في هذه القضايا وتجعل من طريقة العلاج والتعامل مع المتعاطي تنحو نحو العلمية المقننة والمحققة للأهداف الموضوعة في الخطة الاستراتيجية للمديرية، أما قضية الإدمان فهي خطوة متأخرة في منظومة التعاطي ولكن المديرية لديها تعاون عميق مع القطاعات المعنية بعلاج الإدمان وهناك خطط لآلية العلاج من الإدمان وفقاً للخصائص النفسية والاجتماعية للطلاب. وأضاف الشريف أن مكافحة المخدرات لديها خططا تعمل عليها بالتعاون مع المؤسسات التربوية والتعليمية لمواجهة هذه السموم القاتلة، ولدى المديرية أساليب حديثة تقي -بإذن الله- طلاب وطالبات المدارس والجامعات من التعاطي، بالرغم من أنّ الأساليب التي ينتهجها المروجون تساير العصر وتوظف التقنية في الترويج، إلا أنّ المديرية تقف بكل اقتدار بوجه أصاحب الأهداف السيئة، مؤكدة أنها تواجه تحديا حقيقيا في مواكبة الثورة المعلوماتية التي استفاد منها مروجو المخدرات، ويتخذون أغرب الأساليب الجديدة والمقننة لإلحاق الضرر بطلابنا وطالباتنا، قائلاً: "لكننا بفضل الله قادرون على حمايتهم من خطر الوقوع في براثن المخدرات، وللأسف التحديات كبيرة، وتأتي في مقدمتها التغيرات الاجتماعية المتزايدة والإعلام والثورة المعلوماتية والضغوط النفسية التي تواجه الطلبة والطالبات مثل انفصال الوالدين والاقتران بأصدقاء السوء وغيرها من المؤثرات في شبابنا". ضعف الوازع الديني من ناحية أخرى، أكد د. محمد الثقفي مستشار وأستاذ مساعد بقسم العلوم الاجتماعية بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، أن أهم الأسباب الرئيسة التي تدفع الشباب للوقوع في براثن التعاطي هي ضعف الوازع الديني، يليه الاضطرابات النفسية والشخصية لدى الفرد منذ الطفولة، يلي ذلك سوء التربية الأسرية إما بالدلال الزائد وإما بالقسوة الزائدة ثم يليها أصدقاء السوء ومن ثم التفكك الأسري ثم التجربة والفضول ثم الفراغ. وأوضح الثقفي أن الثورة المعلوماتية بواسطة الشبكة العنكبوتية وعدم وجود الرقابة الأبوية ساهما في التعاطي والترويج للمخدرات بين الشباب والشابات، ومع إيماننا بوجود منظمات وعصابات خارجية تستهدف المملكة لهدفين: أولهما الكسب المادي والثراء الفاحش، والثاني تدمير عقول الشباب، لذلك يجب أن نقف وقفة واحدة وحازمة في وجه هذه الهجمة الشرسة بكل ما أوتينا من قوة أمنياً وميدانياً، ثم تربوياً واجتماعياً وإعلامياً، ويجب أن تتضافر الجهود بعضها مع بعض، حتى مسألة الوقوف مع المتعاطين والمتوقفين عن تعاطي المخدرات يجب أن تشترك فيها العديد من الجهات ذات العلاقة من أجل مد يد العون والمساعدة مع الجهات المعنية بكل جدية. بيع الوهم من جهتها، أهابت الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين "نقاء" بالطلاب والطالبات المقبلين على الاختبارات خلال الفترة المقبلة أخذ الحيطة والحذر من تعاطي أي نوع من الحبوب المهدئة أو التي تساعد على السهر بحجة زيادة التحصيل الدراسي، مبينة أن المروجين ينشطون خلال هذه الفترة ليبيعوا وَهْم زيادة التحصيل للطلاب والطالبات، بما يوقعهم في شباك إدمان المخدرات. وكشفت الجمعية أن المروجين ينتظرون موسم الاختبارات لإيقاع الطلاب والطالبات في شباك الإدمان وينشطون لأجل ذلك، كما يتخذون وسائل للترغيب بذلك مثل تقديمها بأسعار زهيدة أو أحيانا إهدائها للطلاب والطالبات بالمجان مقابل تجربتها خصوصا إذا كانت المرة الأولى، وقد يسمون هذه الحبوب بغير أسمائها تحبيبا وترغيبا. لذا؛ لابد من تعريف الأبناء والبنات بخطورة تعاطي التدخين والمخدرات، وتهيئة البيوت للامتحانات بعيدا عن أساليب التخويف والترهيب من الاختبارات، والحرص على متابعتهم وتهدئتهم وحثهم على المذاكرة والالتجاء إلى الله عز وجل.