5 مليون مستخدم سعودي نشط بمعدل نمو سنوي 45%، هو العدد الذي كشفت عنه شركة The Social Clinic لعدد مستخدمي تويتر في السعودية لعام 2013، أما شركة ريزRayz فلم تبتعد عن العدد السابق كثيرا في إحصاءاتها؛ إذ أكدت أن عدد المغردين السعوديين هو 4.8 مليون مستخدم من بين أكثر من 241 مستخدم تويتر في العالم. والأعداد السابقة تعكس جانب مهم لمن يتنبه له، فعدد 5 مليون مغرد من عدد السعوديين البالغ قرابة 20 مليون، يعد عددا مؤثرا وعينة كافية لدراسة أغلب الظواهر الاجتماعية وتحليلها. وما نحن بصدده اليوم هو الأسباب التي اجتذبت النخب النسائية السعودية لاستخدام شبكة تويتر الاجتماعية، ولعل السبب الأول برأيي كان السمت الذي غلب على مستخدمي تويتر في بداياته – في السعودية – إذ كان السمت الفكري الثقافي الجاد للمستخدمين من أبرز الأسباب التي اجتذبت عدد من النخب النسائية للانضمام لقافلة المغردين، وخاصة النخب التي كانت تتحاشى الظهور في بعض وسائل الإعلام التقليدية التي يغلب عليها الشللية والتحيز والتجاوزات القيمية وتغيب فيها الموضوعية والإنصاف. كما أن من أسباب مشاركة حواء في تويتر مناسبة طبيعة شبكة تويتر للإطار الثقافي للبلد، وتدعيمها للضوابط القيمية للتعامل مع الجنس الآخر من مستخدمي الشبكة وأهمها ضابطي الجدية والاختصار، فإذا ما خالف أي أحد من الجنس الآخر هذان الضابطان فخاصية الحظر تتيح للمستخدمة تجنب هذا التجاوز بسهولة والمضي قدما في استخدام الشبكة دون أي مضايقات. أيضا اتسمت الشبكة بميزة البساطة، فلم تكن المرأة بحاجة لمزيد جهد في تعلم ثقافة الشبكة لبساطتها وسهولتها، كما كان لانتشار الأجهزة الذكية دور في ذلك التبسيط؛ إذ كشفت إحصائيات حديثة في عام 2014 أن نسبة استخدام الشبكات الاجتماعية عبر الجوال في السعودية وصل إلى 51% من المجموع العام للمستخدمين، وهذا ما بسّط وسهّل الاستخدام وكان له الأثر الأكبر في زيادة توافد النخب النسائية لتويتر. ومن الأسباب أيضا ميزة الآنية التي اتسم بها تويتر، إذ أصبح توفير المعلومات سريعا، عامل جذب لكثير من النخب النسائية التي كانت تسعى للمعلومات التي تحقق اشباعها العلمي في المجالات التي تهتم بها، أو حتى ما يُعنَى بتدفق وتنوع المعلومات في قضايا الرأي العام التي تصنع اهتمامات جديدة، ومواقف أكثر نضجا، وتفتح آفاق رحبة للوعي. أيضا (الاستخدامات المؤسسية بتنوعها) كانت من أهم الدوافع التي سهلت توافد النخب النسائية للمشاركة في تويتر؛ إذ إن عددا كبيرا منهن يملكن مشاريع صغيرة سواء علمية أو توعوية أو حتى دعوية، وتويتر يتيح أكبر فرصة للوصول للمستفيدات والمستهدفات من هذه المشاريع، فتجد أغلب هؤلاء النخب ينشرن إعلانات الخدمات التي تقدمها مؤسساتهن مما يجعل وجودهن في تويتر ذو طابع رسالي قيمي مستمر. والسبب الأخير الذي أورده هنا هو ارتفاع سقف الحرية في شبكة تويتر، وقد أجلتُ إيراده ضمن الأسباب؛ لأنه -برأيي- ليس سببا مرتبطا ارتباطا مباشرا بتويتر فقط، فهو سبب عام للاتجاه المجتمعي لاستخدام الشبكات الاجتماعية، لكنه يبقى سببا رئيسا ومؤثرا، خاصة أننا الآن نشهد تحولا بديعا من الانبهار بميزة الحرية من ثَمَّ توجيهها وتحويلها إلى حرية مسؤولة تدعم بناء الوعي المجتمعي وتثريه. كانت هذه أبرز الأسباب التي لها تأثير مباشر –برأيي– على اتجاه النخب النسائية السعودية لاستخدام تويتر، رغم أن المرأة عانت كثيرا من غياب الاهتمام المجتمعي الذي يدعم البناء الفكري والعلمي لها، وتضررت من المعارك الفكرية الجدلية التي أغفلت أهمية بنائها، إلا أن تواجدها المؤثر في تويتر أكد أن ثمة شريحة واسعة لم تستسلم لهذه الظروف وبذلت جهدا كبيرا في توظيف الإمكانات المتوافرة في البناء الذاتي العلمي المتين الذي أنتج لنا نماذج مؤثرة وقدوات فاعلة في بناء مجتمعها وهذا مما نفاخر ونشرف به. [email protected]