يمثل مصنع الإسمنت إحدى أبرز المشكلات البيئية التي يعاني منها سكان جنوبالرياض، بسبب المخلفات الصادرة منه والتي أدت إلى إصابة الأهالي بأنواع مختلفة من الأمراض الصدرية وأمراض الجهاز التنفسي، حسب روايات المراكز الصحية، ما ينذر بعواقب صحية وخيمة على سكان الأحياء المجاورة. وقد صبر أهالي الجنوب طويلا، حتى جاء قرار اللجنة العليا لحماية البيئة برئاسة الأمير سطام بن عبد العزيز -رحمه الله- القاضي بنقل المصنع خارج الحيز العمراني لمدينة الرياض في 25/4/1433ه وإمهال القائمين عليه 4 سنوات لتفكيك معداته ونقله إلى مكان مناسب، بمثابة تحرك فاعل لتدارك الآثار السلبية الخطيرة للمصنع على صحة المواطنين في حينه. ورغم مرور ما يقارب 3 سنوات من المهلة المتاحة للمصنع إلا أن المتابع لا يلحظ أي إجراءات جدية تنبئ عن استعداد القائمين عليه لتنفيذ قرار "حماية البيئة" في التوقيت المحدد، ما تطلب السعي الحثيث للوصول إلى معلومة تؤكد النوايا الحقيقية حيال الاستجابة لقرار النقل والشروع في إجراءاته. ونظرا لحساسية المشكلة واستجابة للشكاوى المتكررة من أهالي جنوبالرياض، سأحاول تلخيص قصتي مع مصنع الإسمنت في السطور التالية.. فقد تقدمت بمقترح لمجلس بلدي الرياض في 19/2/1435ه، لمتابعة ومراقبة الخطوات التنفيذية الخاصة بنقل مصنع الإسمنت خارج النطاق العمراني، شرحت خلاله جانبا من الآثار الصحية والبيئية الضارة للمصنع على أهالي الأحياء المجاورة، حتى لا يفاجئ الجميع بانتهاء المهلة الممنوحة لنقله دون تحقيق أي تقدم ملموس في هذا الجانب، وهو ما قد يؤدي –لا سمح الله- إلى اهتزاز ثقة المواطن في الجهات التي تصدر تلك القرارات ونظيرتها المكلفة بمتابعة ومراقبة تنفيذها. وبدافع الإحساس بالمسؤولية طلبت من المجلس مناقشة موضوع مصنع الإسمنت عاجلا، لبيان الخطوات العملية التي اتخذتها اللجنة المشرفة على تنفيذ إجراءات النقل، ومعرفة إمكانية نقل المصنع خلال المدة المحددة سلفا. وبدوره خاطب المجلس مركز المشاريع والتخطيط بأمانة الرياض والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بناء على المقترح المقدم بتاريخ 5/4/1435ه، مطالبا بعرض خطة نقل المصنع إلى موقعه الجديد، ثم أردفه بخطاب آخر في 11/6/1435ه. ورغم تأخره لما يزيد عن شهرين، إلا أن رد مركز الدراسات والتخطيط بالهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض على مخاطبات المجلس، لم يأت بجديد ولم يتضمن أجوبة شافية، وأحال الأمر برمته إلى خطة التطوير الحضري المعتمدة من الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض. وحتى الآن لا نعلم الجهة المخولة بمتابعة إجراءات النقل على وجه التحديد، وإمكانية تفكيك ونقل المصنع من عدمه، رغم كثرة المناقشات والمخاطبات التي بينتها لكم ومرور أكثر من عام عليها. إن المراقبة الحثيثة للقرارات الصادرة من الجهات المعنية وإجراءات تنفيذها، ضرورة لبناء نوع من الثقة في فعالية الأنظمة وقدرتها على حماية المواطنين والحفاظ على مقدراتهم، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على مستوى رضى المواطن عن أداء الأجهزة التنفيذية والرقابية، لكن ذلك يتطلب نفسا طويلا وجهدا مضاعفا، في سبيل الوصول إلى الهدف المنشود -بإذن الله-.