تستمر معاناة الروهنجيا المسلمين في ميانمار من التمييز العنصري والقتل المجحف والتهجير على يدي البوذيين، حتى أن كثيرا منهم يفضلون الهرب عبر قوارب صغيرة في البحر قد يلقون فيها حتفهم على أن يبقوا في ميانمار. وأدى العنف ضد أقلية الروهنجيا المسلمة في ميانمار من قبل مجموعة الراخين العرقية، المدفوعين بأيديولوجية بوذية متطرفة، إلى فرار عشرات الآلاف من الروهنجيا في الأشهر ال18 الماضية بمساعدة عصابات التهريب التي تتعهد بنقلهم عبر تايلاند إلى ماليزيا، وفقا للتقرير الذي أعدته وكالة أنباء "أراكان". وتعد تايلاند محطة على طريق الرحلة التي يغامر بها الروهنجيا المسلمون من ميانمار الذين لا تمنح لهم المواطنة بموجب القانون الوطني في ميانمار، حيث يصلون إلى هناك على قوارب صيد سمك صغيرة تم تحويلها إلى سفن لنقل البشر، وإذا كان لديهم مال يدفعونه إلى السماسرة فإنهم يغادرون بسرعة إلى ماليزيا المجاورة، ولكن أولئك الذين لا يستطيعون الدفع يقبعون في مخيمات المهربين الموجودة سرا في غابات جنوبتايلاند، أو في زنزانات الاحتجاز القذرة التابعة لسلطات الهجرة التايلاندية. مساعدة تايلاند وعلى الرغم من تاريخ تايلاند الطويل في استيعاب اللاجئين من صراعات الدول المجاورة مثل فيتنام وكمبوديا، وكذلك أعضاء الجماعات العرقية الأخرى من ميانمار، فإنها رفضت منح الروهنجيا المسلمين مأوى مؤقتا أو حتى تقديم الخدمات الأساسية لهم. وتقول جماعات حقوق الإنسان إن الحكومة ترفض تقييم طلبات لجوئهم، وتخضعهم لظروف اعتقال قاسية حتى أن البعض منهم يموتون في السجن، ويبدو أن حجج مفوضية الأممالمتحدة السامية لشؤون اللاجئين في أنه يجب على الحكومة التايلاندية أن تعامل الروهينجا مثل غيرهم من اللاجئين قد فشلت في إقناع الحكومة التايلاندية. وبدلا من ذلك، فقد أذنت الحكومة التايلاندية بما تسميه الترحيل «الناعم» للروهنجيا حيث يتم نقلهم من زنزانات الاحتجاز، ويوضعون في قوارب خشبية في الميناء الجنوبي من رانونج، وترسلهم إلى بحر اندامان، وهناك يتم التقاطهم مرة أخرى من قبل المهربين الذين تتهمهم جماعات حقوق الإنسان بأنهم غالبا ما يكونون منسقين مع المسئولين التايلانديين. وذكرت جماعات حقوق الإنسان أن أولئك الذين لا يستطيعون دفع فدية للمرور إلى ماليزيا يرغمون على العمل في المزارع وسفن الصيد التايلاندية. ويشعر العديد من الروهنجيا، بعد أن فقدوا مصادر رزقهم بسبب الهجمات العنيفة على مجتمعاتهم، أن ليس من خيار أمامهم سوى الفرار من ميانمار. كما أنهم فريسة سهلة لشبكات التهريب التي يديرها تايلانديون وماليزيون والروهينجا أنفسهم، والبعض منهم بدأ بسلسلة التهريب من قرى ومخيمات النازحين من الراخين، الولاية الشمالية، التي يعيش فيها غالبية الروهنجيا البالغ عددهم 1,3 مليون في عموم ميانمار. صرخات إنسانية وبحسب جماعات حقوق الإنسان فإنه ومنذ شهر يونيو من عام 2012، هناك أكثر من ألفين مسلم من الروهنجيا فقدوا في البحر، وعلى الأكثر غرقوا، عندما اندلع العنف أول مرة ضدهم في أراكان . كما أن نحو 80 ألفا منهم في المجمل غادروا ميانمار عن طريق البحر منذ ذلك الحين. وقال مسئولو الهجرة التايلاندية إن الذين يموتون في المخيمات عادة ما يكونون غير قادرين على الدفع للسماسرة الذين يطالبونهم بمبلغ 2000 دولار لتحريرهم ومن ثم يمكنهم أن يذهبوا إلى ماليزيا. ووفقا لوكالة الأممالمتحدة للاجئين في كوالالمبور، يدفع اليأس الروهنجيا على الفرار من ميانمار، ولكن الرحلة المحفوفة بالمخاطر تترك الكثيرين في حالة يرثى لها. وتصل أعداد متزايدة منهم إلى ماليزيا وهم مصابون بالشلل الناجم عن سوء التغذية المزمن والاعتداءات الجسدية أثناء الحبس الطويل في مخيمات المهربين في تايلاند. ونتيجة للحرج من الوفيات في المخيمات والتقارير المقدمة من المسئولين بشأن بيع الروهينجا من مراكز الهجرة إلى عصابات التهريب، دعت سلطات الهجرة التايلاندية أخيرا الصحفيين إلى زيارة لتفقد المخيمات التي داهمها ضباط قبل ذلك، وكان الهدف من الزيارات هو إظهار أن تايلاند تعمل ضد المهربين. لكن بعض الشبان الروهنجيا الواصلين إلى ماليزيا، أكدوا في مقابلات أجريت معهم أنهم قضوا عدة أشهر في زنازين احتجاز المهاجرين بالقرب من الحدود قبل تسليمهم إلى مخيم المهربين حيث يضطرون إلى البقاء فيه ريثما يتم الدفع لتحريرهم. كما قال إن الحياة في المخيم مرعبة فهناك شبه وجبتين يوميا، بينما المهربون قد يعاقبون من يحاول الهرب ببتر أربعة أصابع من يده اليمنى. احتجاز تعسفي وفي تايلاند، يعاني سجناء الروهنجيا المحتجزون من الاكتظاظ والمشاكل الصحية بسبب عدم كفاية المرافق الصحية والغذاء، والانفصال عن الأسرة حيث يقيم النساء والأطفال في الملاجئ بينما يقيم الرجال في مراكز الاحتجاز، وفقاً للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في تايلاند. وتجدر الإشارة إلى أن تايلاند تعتبر واحدة من البلدان القليلة في العالم التي لا تضع حداً أقصى لمدة الاعتقال، وهو ما يؤدي إلى اللجوء إلى حلول غير رسمية، مثل الهروب أو تركهم للمتجرين بالبشر، وفقاً للمنظمات الدولية. ويقول المسئولون في تايلاند إن ترك المحتجزين للمتجرين بالبشر أكثر إنسانية من ترحيلهم مرة أخرى إلى ميانمار أو الاحتفاظ بهم رهن الاحتجاز إلى أجل غير مسمى داخل تايلاند. وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام التايلاندية المحلية قد ذكرت أن 1,300 روهينجي قد تم ترحيلهم إلى ميانمار خلال الأشهر القليلة الماضية، إلا أن البعض يقولون إن ما يحدث على الأرجح هو شراؤهم وبيعهم «مثل البضائع».