يبدو أن عدوى التظاهرات التي تشهدها عدد من الدول العربية منذ مطلع العام الجاري قد وصلت إلى إسرائيل، فقد بدأت عدة نقابات إسرائيلية عمالية أخيراً بنصب خيام احتجاج أمام الكنيست الإسرائيلي (البرلمان)، وبيت رئيس الوزراء في القدس، للمطالبة بتحسين ظروفهم المعيشية المتعلقة بالسكن والتعليم والصحة، وذلك تحت شعار "الشعب يريد عدالة اجتماعية". وقبل النزول إلى الشوارع، بدأت الدعوة للاحتجاجات عبر مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وتويتر" أواخر يونيو/حزيران الماضي، للمطالبة بخفض الارتفاع الكبير في أسعار السكن، ثم اتسعت لتشمل المطالبة بإلغاء التفاوت الاجتماعي بين الطبقات، وتحسين الخدمات العامة لجمهور الطبقة الوسطى تحديداً، لا سيما في القطاعين الطبي والتعليمي. وتوسعت حركة الاحتجاجات الشعبية على الأرض خلال الأيام القليلة الماضية، والتي أطلق عليها "ثورة الخيام"، حيث انتشرت الخيام في غالبية المدن، فشملت عشر مدن رئيسية أبرزها القدس، تل أبيب، حيفا، الناصرة وبئر السبع، في أكبر تحرك شعبي تشهده إسرائيل منذ تأسيسها قبل أكثر من 63 عاماً. ومن أبرز الشعارات التي رفعها المتظاهرون "الشعب يريد العدالة الاجتماعية"، وطالبوا المسؤولين بالعودة إلى نظام "الدولة الراعية"، وهو نظام اجتماعي كانت أقرته الدولة عند تأسيسها للاهتمام بشؤون سكانها. ودفعت الاحتجاجات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى البدء بوضع خطة للخروج من الأزمة تتضمن خفضاً في الضرائب غير المباشرة على الطبقات الوسطى. وانضم نشطاء من فلسطينيي الداخل "عرب 48" إلى التظاهرات، خاصة أنهم يعانون من حرمان كبير في الخدمات مقابل ما تتمتع به الأحياء التي يقطنوها إسرائيليون من مميزات. ونظم سكان في مدينة الناصرة شمال إسرائيل، وبلدة باقة الغربية شمال شرقي تل أبيب، مظاهرات طالبوا فيها الحكومة الإسرائيلية بتحسن الخدمات في مناطقهم. وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن عدد الذين نزلوا إلى الشوارع أمس السبت تراوح بين 80 ألفاً إلى 120 ألف متظاهر، وفق تقديرات الشرطة ووسائل إعلام محلية. وفي تل أبيب، المركز الرئيسي للاحتجاج، احتشد أكثر من 50 ألف متظاهر وسط المدينة، حسب تصرح المتحدث باسم الشرطة ميكي روزنفلد للوكالة. وفي هذه الأثناء، دعا أعضاء في الكنيست الإسرائيلي بقطع العطلة الصيفية، وطالبوا بالتئام سريع للبرلمان لبحث أزمة الاحتجاجات. وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أنه من المقرر أن يطلب رئيس الكنيست رؤوفين ريفلين اليوم الأحد من لجنة الكنيست مناقشة اقتراح وزير الداخلية رئيس حزب شاس إيلي يشاي بشأن إلغاء العطلة الصيفية للكنيست، ليتسنى لها التعامل مع موجة الاحتجاجات الشعبية التي تعم البلاد. إلا أن رؤساء الكتل البرلمانية لم يؤيدوا هذا الاقتراح، وقال رئيس لجنة الكنيست النائب الليكودي ياريف ليفين إن لجان الكنيست ستلتئم خلال العطلة الصيفية للبرلمان كلما اقتضت الضرورة ذلك. إلى ذلك، دعا الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس كبار مسؤولي نقابة الأطباء إلى الاجتماع في مكتبه اليوم الأحد، حيث يعتصم مسؤولو النقابة حالياً في خيمة أمام منزل رئيس الوزراء في القدس، بعد مسيرة احتجاجية نظموها أمس. في حين يواصل رئيس النقابة ليئونيد إدلمان إضرابه عن الطعام. وكان بيرس قد دعا إدلمان إلى وقف إضرابه. وفي وقت سابق، قال عضو البرلمان عن حزب الليكود أوفير أكونيس، المقرب من نتنياهو، إن الأخير يعكف حالياً على بلورة سلسلة خطوات من شأنها تخفيف عبء الضرائب غير المباشرة، التي تثقل كاهل الطبقات الوسطى. وأوضح أكونيس أنه سيتم خلال الأيام القريبة القادمة تشكيل طاقم خاص لدراسة هذا الموضوع، لا سيما إمكانية تخفيض الضرائب المفروضة على الواردات وكذلك المنتوجات المحلية. يُشار إلى أن نتنياهو أرجأ يوم الإثنين الماضي زيارة له إلى بولندا، بسبب الاحتجاجات، وذلك للعمل على إقرار قانون حول إصلاح السوق العقارية، واتخاذ إجراءات عملية تتعلق بالطلاب، والجنود المنتهية خدمتهم، وكذلك الأزواج الشباب.