عادت جزيرتا "تيران وصنافير" إلى الواجهة مرة أخرى، وذلك بعد إعلان الحكومة المصرية أن الرسم الفني يؤكد أن الجزيرتين تابعتان للمملكة. وتُعد "تيران وصنافير" من أكثر الجزر حول العالم جذباً للسائحين، إذ تنتشر بهما الشُّعب المرجانية والأسماك النادرة حول العالم، ولهاتين الجزيرتين أهمية استراتيجية تمكنهما من غلق الملاحة في اتجاه خليج العقبة. تاريخ الجزيرتين ويرجع تاريخ الجزيرتين بين المملكة ومصر، حين تخلت المملكة عنها لمصر بغرض استعمالها وقت الحرب مع الكيان الصهيوني منذ عام 1950، ودخلتا ضمن المنطقة «ج» باتفاقية السلام بين مصر والكيان الصهيوني. وتبعد جزيرة تيران (جمع "تير" وتعني موج البحر في بعض لهجات العرب)، نحو 6.1 كيلومتر من ساحل شبه جزيرة سيناءالجنوبية، وتبلغ مساحتها حوالي 80 كيلومتراً مربعاً، بينما تبعد جزيرة صنافير عنها بحوالي 2.5 كيلومتر، إلى الشرق منها، وتبلغ مساحتها حوالي 33 كيلومتراً مربعاً. وتقابل الجزيرتان اللتان تقعان في مضيق تيران، مخرج خليج العقبة إلى البحر الأحمر، كلاًّ من شرم الشيخ ودهب في جنوبسيناء، ورأس حميد، في السواحل الغربية لتبوك شمال المملكة، ويمر خط الملاحة الدولي إلى الغرب من تيران، لأن الجهة الشرقية منها، المواجهة لصنافير وحدود المملكة، منطقة غير صالحة للملاحة. وتصنع الجزر ثلاثة ممرات من وإلى خليج العقبة، الأول منها بين ساحل سيناء وجزيرة تيران، وأقرب إلى ساحل سيناء، وهو الأصلح للملاحة عمقه 290 متراً واسمه ممر "إنتربرايز"، والثاني أيضاً بين ساحل سيناء وجزيرة تيران، ولكن أقرب إلى الجزيرة، وهو ممر "جرافتون"، وعمقه 73 متراً فقط، في حين يقع الثالث بين جزيرتي تيران وصنافير، وعمقه 16 متراً فقط. وتعود أهمية الجزيرتَيْن إلى قيمتهماً الكبرى في التأمين الدفاعي الاستراتيجي للتخم الجنوبي لشبه جزيرة سيناء والمياه الإقليمية المصرية قُبالة شمال الساحل الشرقي لمصر على البحر الأحمر، كما أنهما من الأهمية بمكان في صدد إغلاق خليج العقبة بالكامل في حال اندلاع أي حرب مع الكيان الصهيوني. من ناحية أخرى تُعد جزيرتا "تيران وصنافير"، من أكثر الجزر حول العالم جذباً للسائحين فهى مقصد لمحبى رياضات الغوص لصفاء مائها وجمال تشكيلاتها المرجانية، إذ تنتشر بهما الشعب المرجانية وأسماك نادرة حول العالم ولها برامج سياحية باليخوت مع شرم الشيخ، لذلك فإن موقعهما المتطرف في البحر الأحمر بعيداً قليلاً عن جنوبسيناء جعلهما هدفا دائماً للاحتلال الصهيوني، وتبلغ مساحة جزيرة صنافير 33كلم مربع أما جزيرة تيران 80كلم. ملكية سعودية وتعود جذور القضية إلى العام 1950 عندما سمحت المملكة للجيش المصري بتأمين جزيرتى «تيران وصنافير»، واتفقت الدولتان على رفع العلم المصري على الجزيرتين، لاستخدامها في الحرب ضد الاحتلال الصهيوني بعد هزيمة 1948، وقامت الدولتان بإعلام بريطانيا في 30 يناير من العام نفسه، ثم الولاياتالمتحدة في 28 فبراير، بأنهما وبصفتهما الدولتين اللتين تسيطران على جانبي مدخل الخليج، فقد اتفقتا على تواجد القوات المصرية في جزيرتي تيران وصنافير دون أن يخل ذلك بأي مطالبات لأي منهما في الجزيرتين. وفي عام 1967 تمكنت قوات الاحتلال الصهيوني من احتلال الجزيرتين، وعقب الانتصار المصري في حرب أكتوبر 1973، دخلت الجزيرتان في البروتوكول العسكري لمعاهدة «كامب ديفيد»، حيث وضعت كل من جزيرة صنافير وجزيرة تيران ضمن المنطقة «ج» المدنية التي لا يحق لمصر أي وجود عسكري فيها حتى يضمن الكيان الصهيوني أن مصر لن تتحكم بهذه المنطقة الحيوية من البحر الأحمر. لكن هذا لا يعني أن مصر لا تمارس سيادتها على الجزر، فهي تفعل ذلك دون أن تخل بالتزماتها، وقد سبق في عام 2003 أن قدم الكيان الصهيوني طلباً رسمياً لمصر لتفكيك أجهزة لمراقبة الملاحة قامت بتركيبها في المنطقة وقوبل طلبها بالرفض. إعلان ملكي وفي عام 2010 أصدرت المملكة إعلاناً ملكياً، لتحديد خطوط الأساس للمناطق البحرية للمملكة في البحر الأحمر وخليج العقبة والخليج العربي. ودفع الإعلان الملكي لإصدار القاهرة إعلانا أودعته لدى الأممالمتحدة، أن المرسوم الملكي السعودي «لا يمس أو يغير في الموقف المصري في المباحثات الجارية مع الجانب السعودي لترسيم الحدود البحرية بين البلدَيْن»، في إشارة إلى أن خط الحدود الذي أعلنت عنه المملكة تضمن مناطق تعتبرها القاهرة ضمن مناطقها الاقتصادية الخالصة، والتي تمتد مسافة 200 ميل بحري، وفق اتفاقية ترسيم المياه الاقتصادية الخالصة بين الدول، التي أقرتها الأممالمتحدة. وخلال شهر مارس الماضي، أعلنت أوساط رسمية وإعلامية في كلٍّ من الرياض والرياض، أنه سوف يتم التوقيع بشكل نهائي على 14 اتفاقية جرى بلورتها مؤخراً بين البلدين، خلال زيارة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، إلى القاهرة. بعض هذه الاتفاقيات تم التوصل لصيغة نهائية لها، خلال الجلسة الخامسة لمجلس التنسيق السعودي – المصري، والتي عقدت في الرياض في العشرين من شهر مارس. ولكن أهم هذه الاتفاقيات، اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين، والتي تمت بلورتها خلال زيارة قام بها اللواء عبدالعزيز بن إبراهيم الصعب، رئيس الهيئة العامة للمساحة السعودية، ووفد فني وقانوني سعودي، إلى مصر، في نفس توقيت انعقاد الجلسة الجديدة لمجلس التنسيق. وكانت هذه الزيارة هي الثانية للصعب منذ توليه لهذا المنصب، وكانت الأولى في ديسمبر 2015. زيارة الصعب أنهت مفاوضات استمرت خمس سنوات بين القاهرةوالرياض بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدَيْن، في البحر الأحمر. بيان مجلس الوزراء المصري وأشار بيان لمجلس الوزراء المصري إلى أن التوقيع على اتفاق تعيين الحدود البحرية بين البلدين إنجاز هام من شأنه أن يمكن الدولتين من الاستفادة من المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل منهما بما توفره من ثروات وموارد تعود بالمنفعة الاقتصادية عليهما، وجاء هذا الإنجاز بعد عمل شاق وطويل استغرق أكثر من 6 سنوات، انعقدت خلالها إحدى عشرة جولة لاجتماعات لجنة تعيين الحدود البحرية بين البلدين، آخرها ثلاث جولات منذ شهر ديسمبر 2015 عقب التوقيع على إعلان القاهرة في 30 يوليو 2015. وقد اعتمدت اللجنة في عملها على قرار رئيس الجمهورية رقم 27 لعام 1990 بتحديد نقاط الأساس المصرية لقياس البحر الإقليمي والمنطقة الاقتصادية الخالصة لجمهورية مصر العربية، والذي تم إخطار الأممالمتحدة به في 2 مايو 1990، وكذلك على الخطابات المتبادلة بين الدولتين خلال نفس العام، بالإضافة إلى المرسوم الملكي الصادر في 2010 بتحديد نقاط الأساس في ذات الشأن للمملكة العربية السعودية، وتجدر الإشارة إلى أن الفنيين من أعضاء اللجنة استخدموا أحدث الأساليب العلمية لتدقيق النقاط وحساب المسافات للانتهاء من رسم خط المنتصف بين البلدين بأقصى درجات الدقة. وقال البيان إنه قد أسفر الرسم الفني لخط الحدود بناء على المرسوم الملكي والقرار الجمهوري المشار إليهما أعلاه عن وقوع جزيرتي صنافير وتيران داخل المياه الإقليمية للمملكة، والجدير بالذكر أن الملك عبدالعزيز آل سعود كان قد طلب من مصر في يناير عام 1950 أن تتولى توفير الحماية للجزيرتين، وهو ما استجابت له وقامت بتوفير الحماية للجزر منذ ذلك التاريخ. وسيتم عرض اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين المملكة ومصر على مجلس النواب لمناقشتها وطرحها للتصديق عليها طبقا للإجراءات القانونية والدستورية المعمول بها. DCF 1.0