دحض فضيلة الشيخ الوالد عبد المحسن بن حمد العباد البدر، ما تم تناقله و تداوله، عن دراسة جني بصورة إنسي بالجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة". وقال الشيخ "البدر" في مقالٍ عنونه ب "تنبيه على خبر دراسة جني بصورة إنسي بالجامعة الإسلامية بالمدينة": "اطلعت على الخبر الذي جاء في كتاب سؤالات الشيخ الدكتور سعيد بن وهف القحطاني حفظه الله للشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله؛ ونصه: «أخبرني أبو يوسف:أحمد بن عبد الخالق الغامدي من منطقة الباحة، وقد كان سائقاً للشيخ ابن باز في المدينة، أخبرني بذلك عام 1420ه في الباحة قال: كنت سائقاً للشيخ في المدينة، وفي عام 1383ه كان طالباً في الجامعة يقال له عمر من إفريقيا، كان في غرفة وطولها ستة أمتار، فدخل بعض زملائه عليه في الغرفة، فقال له عمر: أغلق الباب، فلم يغلق، فغضب عمر، ومدَّ يده فطالت إلى الباب، وكان على بعد ستة أمتار من سرير عمر، فأغلق الباب بيده على هذا البعد، ثم قبض يده إليه، فخاف زملاؤه، وذهبوا إلى الشيخ ابن باز، وهو رئيس الجامعة الإسلامية، فأخبروه الخبر، فطلب حضور الطالب عمر، فحضر بين يدي الشيخ، ثم قال له الشيخ: أسألك باللَّه، هل أنت جنِّي أم إنسي؟ فقال عمر: واللَّه يا شيخ أنا جنّي، جئت أطلب العلم في الجامعة الإسلامية، فلا تحرمني طلب العلم! فقال الشيخ: لا بأس، ولكن بشرط أن لا تغيِّر من شكلك، يعني الشيخ البقاء على صورة الإنسي، فأبقاه في الجامعة". وأضاف الشيخ الوالد عبد المحسن بن البدر، نقلاً عما قرأه منشوراً في كتاب سؤالات الشيخ الدكتور سعيد بن وهف القحطاني : أن " أبو يوسف سائق الشيخ قال: فكنت آتي إلى عمر في بيته، ثم آخذه بالسيارة أحمله إلى الحرم المدني، ثم أعيده إلى سكنه، فقلت له: وأنت تعلم أنه جني؟ فقال: واللَّه إني أحمله معي وأنا أعلم أنه جني، فقلت: وكيف عمل بعد ذلك؟ فقال: آخر العهد به عندما استلم شهادته الجامعية من يد الشيخ ابن باز، حدثني أبو يوسف بهذا، وكان معي: الشيخ عبد اللَّه بن صالح القصير، والشيخ د. عبد اللَّه بن عبد العزيز الخضير، والابن عبد الرحمن، والابن عبد العزيز وفقه اللَّه، وكان أبو يوسف متقاعداً من عمل السائق للشيخ، وشفع له الشيخ أن يعمل متعاقداً في مركز الدعوة بالباحة عام 1420ه". وأوضح الشيخ أنه كان مستغرباً من الخبر، ما دفعه للاتصال على الشيخ سعيد للتأكد منه، إذ قال في مقاله: "وقد اتصلت هاتفياً بالشيخ سعيد مستغرباً هذا الخبر الذي لم يأت له ذكر إلا بعد وفاة الشيخ ابن باز ولم يذكره أحد غير هذا السائق ولم يذكره الكثيرون ممن هم على صلة مستمرة بالشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله، وقد حصلت على رقم السائق أبي يوسف فاتصلت به وأكد هذا الخبر، فقلت له: إن هذا الخبر لم يعرف إلا منك! فذكر لي اسم طالب في الجامعة في ذلك الوقت أنه يعلم ذلك، وهو الآن متقاعد عن التدريس بالجامعة، فاتصلت به فلم يصدق هذا الخبر وقال: لو كان صحيحاً لعلمه فلان وفلان، يعني مشايخ ملازمين للشيخ ابن باز رحمه الله، وقد اتصلت بالشيخ سعيد بن وهف وأخبرته بالنتيجة فوعد بحذفه في الطبعة اللاحقة، وقد سئلت عن هذا الخبر في جلسة خاصة مع بعض الطلاب في المسجد النبوي فأخبرتهم باستغرابي له، ونشر أحدهم خبراً عما قلته في هذه الجلسة في شبكة المعلومات، ووَهِم بذكر امتداد يد الجني في قاعة الامتحانات بدلاً من الغرفة، وأيضاً قال: البحث بنت الحقيقة، والصواب: الحقيقة بنت البحث". وعليه، أفرد فضيلة الشيخ الوالد عبد المحسن بن حمد العباد البدر، عدة نقاط تدلل على عدم صحة ما جاء في الخبر، أولها "أنه خبر غريب تتوفر الدواعي على نقله لو حصل، وهو نظير الإخبار عن سقوط خطيب من المنبر، فإنه لا يختص بمعرفة ذلك أحد، بل يكون معلوماً للجميع"، ثانيها "أنه لم يحصل الإخبار به إلا في زمن متأخر بعد وفاة الشيخ رحمه الله التي كانت في المحرم 1420ه"، أما ثالث تلك النقاط "أن حضور الجن مجالس العلم لا يفتقر إلى مجيئهم على صورة الإنس كما طلب هذا الجني المزعوم بل يحصل على هيئتهم التي خلقوا عليها؛ فقد كانوا في زمنه صلى الله عليه وسلم يأتون يستمعون القرآن على أصل خِلقتهم كما في سورتي الأحقاف والجن، وأخبر الله عنهم وعن أبيهم إبليس بقوله: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ}، وقوله: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ}". وأردف الشيخ في إيضاح تلك النقاط، قائلاً: "لا أعلم شيئاً يدل على تصرف الجن تصرفات غريبة في حال مجيئهم على صورة إنس كحال هذا الجني الذي جاء في الخبر أنه مد يده بطول ستة أمتار لإغلاق الباب، والشيطان الذي جاء إلى أبي هريرة يحثو من الطعام لم يحصل منه تصرفات تخالف ما كان عليه الإنس"، إلى جانب "جاء في الخبر ذكر استمرار الجني في الدراسة حتى تخرج وتسلم الشهادة من يد الشيخ عبدالعزيز رحمه الله، والشيخ رحمه الله لم يكن من عادته تسليم الشهادات للطلاب، وتسليمها لهم يحصل في زمنه من مدير الامتحانات الشيخ إبراهيم الحصين رحمه الله". وأكد في ختام مقاله تعقيباً على الخبر وما أوضحه من نقاط تدلل على عدم صحته، "أن الحاصل أن هذا الخبر الغريب لا يثبت بمجرد مجيئه من هذا المصدر الوحيد".